الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤

قصيدة (مثير الغرام إلى طيبة والبلد الحرام)

الاثنين ٣٠ محرم ١٤٣٨ هـ - ١٧:٤٦ م - ٣١ أكتوبر ٢٠١٦
3963

بسم الله الرحمن الرحيم




ذِكرَى الحجِّ وبركاتُه 




للأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني



--



(1099-1182)



1- أَيَا عَذَباتِ البانِ مِنْ أَيْمنِ الحِمى



..........................................رَعى اللهُ عَيشًا في رُباكِ قَطعْناهُ



2- سرَقناهُ مِن شَرخِ الشَّبابِ ورَوْقِهِ



..........................................فلمَّا سرقْنا الصَّفْوَ منهُ سُرِقْناهُ



3- وجاءتْ جُيُوشُ البَيْنِ يَقدُمُها القَضَا



..............................................فَبدَّدَ شَمْلًا بالحِجازِ نَظمْناهُ



4- حَرامٌ بِذي الدُّنْيا دَوامُ اجْتِماعِنا



....................................فكَمْ صَرَمتْ لِلشَّملِ حَبْلًا وَصَلْناهُ



5- فيَا أينَ أيَّامٌ تَوَلَّتْ عَلى الحِمَى



........................................وَليلٌ مَعَ العُشَّاقِ فِيهِ سَمَرْناهُ



6- ونحن لِجيرانِ المُحَصَّبِ جِيرَةٌ



........................................نُوفِّي لهمْ حُسْنَ الوِدادِ وَنرْعَاهُ



7- ونَخلُو بمَنْ نَهوَى إذا رَقَدَ الوَرَى



.........................................ويجْلُو عَلينا مَن نُحِبُّ مُحَيَّاهُ



8- فَقُرْبٌ وَلا بُعدٌ وشَمْلٌ مُجَمَّعٌ



......................................وكَأْسُ وِصالٍ بَيننا قدْ أَدَرْناهُ



9- فَهاتيكَ أيَّامُ الحَياةِ وغَيرُها



..................................ممَاتٌ فيا لَيْتَ النَّوَى مَا شَهِدْناهُ



10- فيَا ما أَمَرَّ الْبَيْنَ ما أَقْتَلَ الهَوَى



.....................................أمَا يالهوَى إنَّ الهَنا قَدْ سُلِبْناهُ



11- فَوَاللهِ لمْ يُبْقِ الفِراقُ لَذاذَةً



....................................فَلَوْ مِنْ سَبيلٍ لِلفِراقِ فَرَقْناهُ



12- فكَمْ مِنْ قَتيلٍ بينَنا بِسِهامِهِ



....................................فَلَوْ أَنَّنا نُعطَى القِصاصَ قَتَلْناهُ



13- فأحْبابَنا بالشَّوقِ بالْحُبِّ بالجَوَى



....................................لِحُرمَةِ عَقدٍ عِندَنا ما حَلَلْناهُ



14- لِحقِّ هَوانا فيكُمُ وَوِدادِنا



.................................لِميثاقِ عهدٍ صادِقٍ ما نقضْناهُ



15- أَعيدُوا لنا أعيادَنا بِرُبوعِكمْ



...............................وَوَقتَ سُرورٍ في حِماكُمْ قضَيْناهُ



16- فما العَيشُ إِلَّا ما قضَيْنا على الحِمَى



............................فذاكَ الذي مِن عُمْرِنا قدْ عدَدْناهُ



17- فيا ليتَ عَنَّا أغمَضَ البَيْنُ طَرْفَهُ



....................................ويا ليْتَ وقْتًا لِلفِراقِ فَقَدْناهُ



18- وتَرجعُ أيامُ المُحَصَّبِ مِن مِنًى



..................................ويَبدُو ثَراهُ للعُيونِ وَحَصْباهُ



19- وتَسرَحُ فيهِ العِيسُ بَيْنَ ثُمامَةٍ



..............................وتسْتَنشِقُ الأرْواحُ نَشْرَ خُزَاماهُ



20- ونشْكُو إلى أحْبابِنَا طُولَ شَوقِنا



...................................إليهِمْ وماذا بالفِراقِ لَقِيناهُ



21- فَلا كانَتِ الدُّنْيا إذا لمْ يُعايَنُوا



.........................همُ القَصْدُ في أُولَى المَشوقِ وأُخرَاهُ



22- عليكمْ سلامُ اللهِ يا ساكِني الحِمَى



...........................بِكُمْ طابَ رَيَّاهُ بِكُمْ طابَ سُكْناهُ



23- وربِّكم لولاكُمُ ما نَوَدُّهُ



...........................ولا القَلْبَ مِن شَوقٍ إليهِ أَذَبْناهُ



24- أَسُكَّانَ وادِي المُنْحَنَى زادَ وَجْدُنا



.........................بِمَغْنَى حِماكُمْ ذَاكَ مَغْنًى شَغَفْناهُ



25- نَحِنُّ إلى تِلكَ الرُّبوعِ تَشَوُّقًا



..............................فَفِيها لنا عَهدٌ وعَقدٌ عَقَدْناهُ



26- وَرَبٍّ بَرانا ما سَلَونا رُبوعَكُمْ



............................وما كان مِنْ رَبْعٍ سِواهُ سَلَوْناهُ



27- فيا هَلْ إِلى ربْعِ الأعارِيبِ عَوْدَةٌ



...............................فذاكَ وَحَقِّ اللهِ رَبْعٌ حَبَبْناهُ



28- قَضَيْنا مَعَ الأحبابِ فِيهِ مَآرِبًا



.....................إِلى الحَشْرِ لا تُنْسَى سَقَى اللهُ مَرعاهُ



29- فشُدُّوا مَطَايانا إلى الرَّبعِ ثانِيًا



........................فإنَّ الهوَى عن رَبعِهِمْ ما ثَنَيْناهُ










__________________

 نقلتها من كتاب: "مثير الغرام إلى طيبة والبلد الحرام"، الطبعة الثانية، 1413ه -من طبعة مصوَّرة على الشبكة=(بي دي إف)-، والكتاب يحوي قصيدة الصنعاني -- (ذكرى الحجِّ وبركاتُه)، بشرح الشيخ إسماعيل المقدم -وفقه الله-، ولم أجد القصيدة على الشبكة مضبوطة، فقررت نقلها وضبطها.

                                                                                                       ==========================

ذِكر البَيْتِ وَالطَّوافِ 




30- فَفِي رَبْعِهِمْ لِلَّهِ بَيْتٌ مُبارَكٌ



............................إِليهِ قُلوبُ الخَلْقِ تَهْوِي وَتَهْواهُ



31- يَطوفُ به الجانِي فَيُغْفَرُ ذَنْبُهُ



............................ويَسقُطُ عنهُ جُرْمُهُ وَخَطاياهُ



32- فَكَمْ لذَّةٍ كمْ فَرحَةٍ لِطَوافِهِ



............................فَلِلَّهِ ما أحلى الطَّوافَ وَأَهْناهُ



33- نَطوفُ كَأنَّا في الجِنانِ نَطُوفُها



............................وَلا هَمَّ لا غَمٌّ فَذاكَ نَفَيْناهُ



34- فَيا شَوقَنا نَحوَ الطَّوافِ وَطِيبِهِ



............................فَذَلِكَ شَوقٌ لا يُحاطُ بِمَعناهُ



35- فَمَنْ لم يَذُقْهُ لم يَذُقْ قَطُّ لَذَّةً



............................فَذُقْهُ تَذُقْ يا صاحِ ما قَدْ أُذِقْناهُ



36- فَوَاللهِ ما نَنْسَى الحِمَى فَقُلوبُنا



............................هُنَاك تَركْناها فيا كَيفَ نَنْساهُ



37- تَرَى رَجْعَةً هل عَودةٌ لِطَوَافِنا



............................وَذَاكَ الحِمَى قبلَ الْمَنِيَّةِ نَغْشاهُ



38- وَوَاللهِ ما نَنْسَى زَمانَ مَسيرِنا



............................إِليهِ وَكُلُّ الرَّكْبِ قَدْ لَذَّ مَسْرَاهُ



39- وَقَدْ نُسِيَتْ أولادُنا وَنِساؤُنا



............................وَأَموالُنا فَالقَلْبُ عَنهُمْ شَغَلْناهُ



40- تَراءَتْ لنا أعْلامُ وَصْلٍ عَلى اللِّوَى



............................فَمِنْ أَجْلِها فالقلْبُ عَنْهُم لَوَيْناهُ



41- جَعَلْنا إِلَهَ الْعَرْشِ نُصْبَ عُيونِنا



............................ومَنْ دُونَهُ خَلفَ الظُّهُورِ نَبَذْناهُ



42- وَسِرْنا نَشُقُّ الْبِيدَ لِلبَلَدِ الذي



............................بِجُهْدٍ وَشِقٍّ لِلنُّفوسِ بَلَغْناهُ



43- رِجالاً ورُكْبانًا على كُلِّ ضامِرٍ



............................ومِنْ كُلِّ ذِي فَجٍّ عَميقٍ أَتَيْناهُ



44- نَخوضُ إِليهِ الْبَرَّ والبَحرَ والدُّجَى



............................وَلا قاطِعٌ إِلا وَعنهُ قَطَعْناهُ



45- ونَطْوِي الفَلاَ مِن شِدَّةِ الشَّوقِ لِلِّقَا



............................فتُمْسِي الفَلا تَحكِي سِجِلاًّ قَطَعْناهُ



46- وَلا صَدَّنا عن قَصْدِنا بُعْدُ أهْلِنا



............................ولا هَجْرُ جارٍ أو حَبيبٍ أَلِفْناهُ



47- وَأموالُنا مَبذُولَةٌ وَنُفُوسُنا



............................ولم نُبقِ شَيئًا منهما ما بَذَلْناهُ



48- عَرَفْنا الَّذِي نَبْغِي وَنَطلُبُ فَضلَهُ



............................فَهانَ عَلينا كُلُّ شَيءٍ بَذَلْناهُ



49- فَمَنْ عَرَفَ المطلوبَ هانَتْ شَدائِدٌ



............................عَليهِ ويَهْوَى كُلَّ ما فِيهِ يَلْقاهُ



50- فيَا لَو تَرانا كُنتَ تَنظُرُ عُصْبَةً



............................حَيارَى سُكارَى نَحوَ مَكَّةَ وُلاَّهُ



51- فَلِلَّهِ كَم ليلٍ قَطَعْناهُ بِالسُّرَى



............................وَبَرٍّ [بِسَيْرِ] اليَعْمُلاتِ بَرَيْناهُ



52- وكمْ مِنْ طَريقٍ مُفْزِعٍ في مَسيرِنا



............................سَلَكْنا وَوَادٍ بِالمَخُوفاتِ جُزْناهُ



53- وَلَو قِيلَ إنَّ النَّارَ دُونَ مَزارِكُمْ



............................دَفَعْنا إِلَيْها وَالعَذُولَ دَفَعْناهُ



54- فَمَوْلَى الموَالِي للزِّيارَةِ قد دَعَا



............................أَنَقْعُدُ عَنها وَالمَزُورُ هُو اللهُ؟!



55- تَرادَفَتِ الأشْواقُ واضْطَرَمَ الحَشَا



............................فَمَنْ ذَا لَهُ صَبْرٌ وفي النَّار أحْشَاهُ



56- وأَسْرَى بِنا الحادِي فَأَمْعَنَ في السُّرَى



............................وَوَلَّى الكَرَى نَوْمَ الجُفونِ نَفَيْناهُ









---------------------------------

 في هذا الفصل من كتاب "مثير الغرام" -المذكور في المشاركة السابقة-؛ حصل خطأ في عد الأبيات؛ فقد تكرر الرقم (46)، فجاءت الأبيات (55) بيتًا.
وما بين معقوفين [بِسَيْر]؛ وقع في الكتاب (يَسير)، فرأيت أن الصواب ما أثبته نقلا من الشبكة. والله أعلم.

                                                                                                      =================================

الإِحْرامُ مِنَ المِيقاتِ




57- ولَمَّا بَدا مَيقاتُ إِحرامَ حَجِّنا


............................نَزلْنا بِه وَالعِيسَ فيهِ أنَخْناهُ


58- لِيَغتَسِلَ الحُجَّاجُ فيهِ ويُحْرِمُوا


............................فَمِنْهُ نُلَبِّي رَبَّنا لا حُرِمْناهُ


59- ونادَى مُنادٍ للحَجِيجِ لِيُحْرِمُوا 


............................فَلَمْ يَبْقَ إلا مَن أجابَ وَلبَّاهُ


60- وجُرِّدَتِ القمْصانُ وَالكُلُّ أَحْرَمُوا


............................ولا لُبسَ لا طِيبٌ جميعًا هَجَرْناهُ


61- ولا لَهْوَ لا صَيْدٌ ولا نَقْرَبُ النِّسَا


............................ولا رَفَثٌ لا فِسْقَ كُلاًّ رَفَضْناهُ


62- وَصِرْنا كَأمْواتٍ لَفَفْنا جُسُومَنا


.................................بِأكْفانِنا كُلٌّ ذَليلٌ لِمَولاهُ


63- لعلَّ يَرى ذُلَّ العِبادِ وَكَسْرَهُمْ


............................فَيرحَمُهُمْ رَبٌّ يُرَجُّونَ رُحْمَاهُ


64- يُنادُونَهُ لبَّيْكَ لَبَّيْكَ ذا العُلى


..........................وسَعْدَيْكَ كُلُّ الشِّرْكِ عَنكَ نَفَيْناهُ


65- فَلَو كُنتَ يا هَذا تُشاهِدُ حالَهُمْ


..........................لأَبْكاكَ ذاكَ الحالُ في حالِ مَرآهُ


66- وُجوهُهُمُ غُبرٌ وشُعثٌ رؤُوسُهُمْ


...............................فلا رَأسَ إلا لِلإِلَهِ كَشَفْناهُ


67- لَبِسْنا دُرُوعًا مِن خُضوعٍ لِرَبِّنا


........................ومَا كان مِن دِرعِ المعاصِي خَلَعْناهُ


68- وَذاك قَليلٌ في كثيرِ ذُنوبِنا


............................فيا طالَما رَبَّ العِبادِ عَصَيْناهُ


69- إلى زَمزمٍ زُمَّتْ رِكابُ مَطِيِّنا


........................ونَحوَ الصَّفا عِيسَ الوُفودِ صَفَفْناهُ


70- نَؤُمُّ مَقامًا للخَليلِ مُعظَّمًا


............................إليهِ استَبَقْنا والرِّكابَ حَثَثْناهُ


71- ونحنُ نُلَبِّي في صُعودٍ وَمَهْبِطٍ


............................كَذا حالُنا في كُلِّ مَرقًى رَقِيناهُ


72- وكم نَشَزٍ عالٍ عَلَتْهُ رُفُودُنا


............................وتَعْلُو به الأصواتُ حِينَ عَلَوْناهُ


73- نَحُجُّ لِبيتٍ حَجَّهُ الرُّسْلُ قَبْلَنا


............................لِنشهَدَ نَفْعًا في الكتابِ وُعِدْناهُ


74- دَعانا إليهِ اللهُ قَبلَ بِنائِهِ


...............................فقُلْنا لَهُ لَبَّيْكَ داعٍ أَجَبْناهُ


75- أتَيْناكَ لَبَّيْناكَ جِئْناكَ رَبَّنا


..............................إليكَ هَرَبْنا والأنامَ تَرَكْناهُ


76- وَوَجْهَكَ نَبْغي أنْتَ للقَلْبِ قِبْلَةٌ


............................إذا ما حَجَجْنا أنتَ للحَجِّ رُمْناهُ


77- فمَا البَيْتُ ما الأرْكانُ ما الحِجْرُ ما الصَّفَا


............................وما زمزمٌ أنتَ الذِي قدْ قَصَدْناهُ


78- وأنتَ مُنانا أنتَ غايَةُ سُؤْلِنا


............................وأنتَ الذِي دُنْيَا وأُخْرَى أرَدْناهُ


79- إليكَ شَدَدْنا الرَّحْلَ نَخْتَرِقِ الفَلاَ


............................فكَم سَدَّ سَدٌّ في سَوادٍ خَرَقْناهُ


80- كذلك ما زِلْنا نُحاوِلُ سَيْرَنا


............................نهارًا ولَيْلًا عِيسَنا مَا أرَحْناهُ


81- إلى أنْ بَدَتْ إِحدَى المعالِمِ مِن مِنًى


............................وَهَبَّ نَسيمٌ بِالوصولِ نَشِقْناهُ


82- ونادَى بِنا حادِي الْبِشارَةِ والْهَنا


............................فهذا الحِمَى هذا ثَرَاهُ غَشِيْناهُ







____________________

 ( العُلى ) كذا في الطبعة، وفي الشبكة ( العُلا )، وبينهما فرق في المعنى -فيما أعلم-. 
( الوصول ) كذا -أيضا- في الطبعة، وفي الشبكة (الوِصال)، ولعل لها معنى ألطف! قد تكون القصيدة نقلت للشبكة من طبعة تختلف عما أثبتت عليه في كتاب "مثير الغرام".
                                                                                                                    =======================================

رُؤيةُ البَيت 



83- وما زالَ وفدُ اللهِ يَقصِدُ مَكةً


............................إلى أن بَدا البيتُ العتيقُ ورُكْناهُ 


84- فضجَّتْ ضُيوفُ اللهِ بَِالذِّكرِ والدُّعَا


............................وكَبَّرَتِ الحُجَّاجُ حين رَأيناهُ 


85- وَقد كادَتِ الأَرواحُ تَزهَقُ فَرحَةً


............................لِما نَحنُ مِن عُظْمِ السُّرورِ وَجدْناهُ 


86- تُصافِحُنا الأملاكُ مَن كان راكبًا


............................وتَعتَنِقُ الماشِي إذا ثَمَّ تَلْقاهُ 





طوافُ القُدوم 



87- فطُفْنا بِهِ سَبْعًا رَمَلْنا ثلاثَةً


............................وَأربعَةً مَشْيًا كما قَد أُمِرْناهُ 


88- كذلكَ طافَ الهاشِميُّ محمدٌ


............................طَوافَ قُدومٍ مثلَ ما طافَ طُفْناهُ 


89- وَسالَتْ دُموعٌ مِن غَمامِ جُفونِنا


............................على ما مَضَى مِن إِثمِ ذنبٍ كَسَبْناهُ 


90- ونحنُ ضُيوفُ اللهِ جِئْنا لِبَيْتِهِ


............................نُريدُ القِرَى نَبْغِي مِنَ اللهِ حُسْنَاهُ 


91- فنَادَى بنا أهلاً ضُيوفي تَباشَرُوا


............................وَقَرُّوا عُيونًا فالحجيجَ قَبِلْناهُ 


92- غدًا تَنْظُروني في جِنانِ خُلودِكم


............................وذاك قِراكُم مَعْ نَعيمٍ ذَخَرْناهُ 


93- فأَيُّ قِرًى يَعلُو قِرَانا لِضَيْفِنا


............................وأيُّ ثوابٍ مِثل ما قَد أَثَبْناهُ 


94- وكُلُّ مُسيءٍ قد أَقَلْنا عِثارَهُ


............................ولا وِزْرَ إلا عَنكُمُ قَد وَضَعْناهُ 


95- ولا نصَبٌ إلا وعِندي جَزاؤُهُ


............................وكلُّ الذي أنفقْتُمُوه حَسَبْناهُ 


96- سَأعطيكمُ أَضْعافَ أَضْعافِ مِثْلِهِ


............................فَطِيبُوا نُفوسًا فَضْلَنا قد مَنَحْناهُ 


97- فيا مَرْحَبًا بالقادِمين لِبَيْتِنا


............................إلـيَّ حَجَجْتُمْ لا لِبَيْتٍ بَنَيْناهُ 


98- عليَّ الجَزَا مِنِّي المثوبةُ والرِّضا


............................ثوابُكُمُ يومَ الجَزَاءِ ضَمِنَّاهُ 


99- فطِيبُوا سُرورًا وافرَحُوا وتَباشَرُوا


............................وتِيهُوا وهِيمُوا بابَنا قد فَتَحْناهُ 


100- ولا ذنبَ إلا قد غفرناهُ عَنكمُ


............................وما كان مِنْ عَيبٍ عَليكُمْ سَتَرْناهُ 


101- فهذا الذي نِلْنا بِيَومِ قُدومِنا


............................وأوَّلُ ضِيقٍ للصُّدُورِ شَرَحْنَاهُ

المَبيت بمِنى والمَسير إلى عرفات



102- وبِتْنا بأقطارِ الْمُحَصَّبِ مِن مِنًى


............................فيَا طِيبَ ليلٍ بِالْمُحصَّبِ بِتْنَاهُ 


103- وفي يَومِنا سِرْنا إلى الجبَلِ الذي


............................مِنَ البُعْدِ جِئْناهُ لما قَد وَجَدْناهُ 


104- فلا حَجَّ إلا أنْ نكونَ بأرضِهِ


............................وُقوفًا وهذا في الصَّحيحِ رويناهُ 


105- إليهِ ابْتَدَرْنا قاصِدِينَ إِلَهَنا


............................فَلَوْلاهُ ما كُنَّا لِحَجٍّ سَلَكْناهُ 


106- وَسِرْنا إليه قاصِدين وُقوفَنا


............................عليهِ ومِن كلِّ الجِهاتِ أَتَيْناهُ 


107- عَلى عَلَمَيْهِ للوُقوفِ جَلالةٌ


............................فلا زالَتا تُحْمَى وتُحْرَسُ أرْجاهُ 


108- وبَينهما جُزْنا إليهِ بزُحْمَةٍ


............................فيَا طِيبَها ليتَ الزِّحامَ رَجَعْناهُ 


109- ولَمَّا رأيْناهُ تَعالَى عَجِيجُنا


............................نُلَبِّي وبالتَّهْليلِ مِنَّا مَلأْناهُ 


110- وفِيهِ نَزلْنا بُكرَةً بِذُنوبِنا


............................وما كانَ مِن ثُقْلِ المعَاصِي حَمَلْناهُ





الوُقـوفُ بعَـرفـة



111- وبعدَ زَوالِ الشَّمسِ كان وُقوفُنا


............................إلى الليلِ نَبكي والدعاءَ أَطَلْناهُ 


112- فكَمْ حامِدٍ كَم ذاكِرٍ ومُسَبِّحٍ


............................وكمْ مُذنِبٍ يَشكُو لِمَولاهُ بَلْوَاهُ 


113- فكم خاضِعٍ كمْ خاشِعٍ مُتذَلِّلٍ


............................وكم سائلٍ مُدَّتْ إلى اللهِ كَفَّاهُ 


114- وسَاوَى عَزيزٌ في الوُقوفِ ذَليلَنا


............................وكم ثَوبِ عِزٍّ في الوُقوفِ لَبِسْناهُ 


115- ورَبٌّ دَعانا ناظِرٌ لِخُضوعِنا


............................خَبيرٌ عَليمٌ بالذِي قد أرَدْناهُ 


116- ولَمَّا رأى تلكَ الدُّموعَ التي جَرَتْ


............................وطُولَ خُشوعٍ معْ خُضوعٍ خَضَعْناهُ 


117- تَجلَّى عَلينا بِالمَتابِ وبالرِّضا


............................وباهَى بنا الأمْلاكَ حينَ وَقَفْناهُ 


118- وقال انظُرُوا شُعْثًا وغُبْرًا جُسومُهُمْ


............................أَجِرْنا أغِثْنا يا إِلهًا دَعَوْناهُ 


119- وقدْ هَجَرُوا أموالَهُم ودِيارَهُمْ


............................وأولادَهُم والكُلُّ يَرفَعُ شَكْواهُ 


120- إلَيَّ فإنِّي ربُّهم ومَليكُهُمْ


............................لِمَن يَشتَكي المملوكُ إلا لِمَوْلاهُ 


121- ألاَ فاشْهَدوا أنِّي غَفرتُ ذُنوبَهُمْ


............................ألاَ فانْسَخُوا ما كان عَنْهُم نَسَخْناهُ 


122- فقد بُدِّلَتْ تِلكَ الْمَساوِي مَحاسِنًا


............................وذلكَ وَعْدٌ مِن لَدُنَّا وَعَدْناهُ 


123- فيا صاحِبي مَن مِثْلُنا في مَقامِنا


............................ومَن ذا الذي قدْ نالَ ما نحنُ نِلْناهُ 


124- على عَرفاتٍ قد وَقَفْنا بِمَوقِفٍ


............................بهِ الذَّنبُ مَغفورٌ وفيهِ مَحَوْناهُ 


125- وقد أَقْبَلَ البارِي عَلينا بِفَضْلِهِ


............................وقال ابْشِرُوا فالعفوُ فيكم نَشَرْناهُ 


126- وعنكمْ ضَمِنَّا كُلَّ تابِعَةٍ جَرَتْ


............................عَلَيْكُمْ وأَمَّا حَقَّنا فَوَهَبْناهُ 


127- أقَلْناكُمُ مِن كُلِّ ما قدْ جَنَيْتُمُ


............................وما كانَ مِن عُذرٍ لدَيْنا عَذَرْناهُ 


128- فيا مَن أسَا يا مَن عَصَى لو رَأَيْتَنا


............................وَأَوْزارُنا تُرْمَى ويَرْحَمُنا اللهُ


129- وَدِدْتُ بأنْ لو كُنتَ بين رِحالِنا


............................وترجُو رحيمًا كُلُّنا يَتَرجَّاهُ


130- وَقَفنا لدَيْهِ تائِبينَ مِنَ الخَطا


............................وغُفرانَنا مِن ربِّنا قد طَلَبْناهُ


131- أُمِرْنا بِحُسْنِ الظنِّ واللهُ حثَّنا


............................عليهِ وهذا في الحديثِ رويناهُ


132- عليهِ اتَّكَلْنا واطْمَأَنَّتْ قُلوبُنا


............................لِما عِندَهُ مِن وُسْعِ عَفوٍ عَرَفْناهُ


133- فَطُوبَى لِمَنْ ذاكَ المقامُ مقامُهُ


............................وبُشْراهُ في يومِ التَّغابُنِ بُشْراهُ


134- تَرى مَوقِفًا فيهِ الخزائِنُ فُتِّحَتْ


............................وَوَالَى علينا اللهُ منها عَطاياهُ


135- فَصالَحَ مَهْجورًا وَقَرَّبَ مُبْعَدًا


............................وذاكَ مَقامُ الصُّلْحِ للصُّلْحِ قُمْناهُ


136- ودارَ علينا الكأسُ بالفَضْلِ والرِّضا


............................سُقِينا شَرابًا مِثْلَهُ ما سُقيناهُ


137- فإنْ شِئتَ تُسْقَى ما سُقينا على الحِمَى


............................فَخَلِّ الوَنَى واقْصِدْ مَقامًا قَصَدْناهُ


138- وفيهِ بسَطْنا للرَّحيمِ كُفُوفَنا


............................فقالَ كُفِيتُمْ عَفْوَنا قد بَسَطْناهُ


139- وأعْتَقَنا كُلاًّ وأَهْدَرَ ما مَضَى


............................وقالَ لنا كلَّ العِتابِ طَوَيْناهُ



ذِكرُ خِزيِ إبليسَ اللَّعين 



140- فإبليسُ مَغمومٌ لِكثرَةِ ما يَرَى


............................مِن العِتقِ مَحْقُورًا ذليلًا دَحَرْناهُ 


141- عَلى رَأسِهِ يَحْثو التُّرابَ مُنادِيًا


............................بأعْوانِهِ وَيْلاهُ ذا اليومَ وَيْلاهُ 


142- وأظهَرَ مِنَّا حَسْرَةً ونَدامَةً


............................وكُلََّ بِناءٍ قَدْ بَنَاهُ هَدَمْناهُ 


143- ترَكْناهُ يَبْكِي بَعْدَما كانَ ضاحِكًا


............................فكَمْ مُذنِبٍ مِن كَفِّهِ قد سَلَلْناهُ 


144- وكمْ أَمِلٍ نِلْناهُ يَومَ وُقوفِنا


............................وكمْ مِن أسِيرٍ للمَعاصِي فَكَكْناهُ 


145- وكَمْ قَد رَفَعْنا للإلهِ مَطالبًا


............................ولا أحَدًا مِمَّنْ نُحِبُّ نَسِيناهُ 


146- وَخُصِّصَتِ الآباءُ والأهْلُ بالدُّعَا


............................وكَم صاحِبٍ دانٍ وَناءٍ ذَكَرْناهُ 


147- كذا فَعَلَ الحُجَّاجُ هاتِيكَ عادَة


............................وما فعلَ الحُجَّاجُ فيه فَعَلْناهُ 


148- وَظلَّ إلى وَقتِ الغُروبِ وُقوفُنا


............................وقيلَ ادْفعوا فَالكُلُّ مِنكمْ قَبِلْناهُالإفاضَة والمَبيتُ بِمُزدَلِفة وذِكرُ اللهِ عندَ المَشْعَر



149- أَفيضُوا وأنتمْ حامِدونَ إِلَهَكُمْ



............................إلى مَشْعَرٍ جاءَ الكِتابُ بِذِكْراهُ 



150- وسِيرُوا إليهِ واذْكُرُوا اللهَ عِنْدَهُ



............................فَسِرْنا وفي وَقتِ العِشاءِ نَزَلْناهُ 



151- وفيهِ جَمَعْنا مَغرِبًا وعِشاءَها



............................تَرَى عائِدًا جَمْعًا لِجَمْعٍ جَمَعْناهُ 



152- وبِتْنا بِهِ حتى لَقَطْنا جِمارَنا



............................ورَبًّا شَكَرْناهُ عَلى ما هَدَاناهُ 



153- ومِنهُ أفَضْنا حَيثُما النَّاسُ قَبْلَنا



............................أفاضُوا وغُفْرانَ الإِلهِ طَلَبْناهُ 






نُزولُ مِنى والرَّمْي والحلْقُ والنَّحر



154- ونَحْوَ مِنًى مِلْنا بها كانَ عِيدُنا



............................ونِلْنا بها مَا القَلبُ كان تَمَنَّاهُ 



155- فَمَنْ مِنكُمُ بِاللهِ عَيَّدَ عِيدَنا



............................فَعِيدُ مِنًى رَبُّ البَرِيَّةِ أعْلاهُ 



156- وفيهِ رَمَيْنا للعِقابِ جِمارَنا



............................ولا جُرْمَ إلا مَعْ جِمارٍ رَمَيْناهُ 



157- وبالجمْرةِ القُصوَى بَدَأْنا وَعِنْدَها



............................حَلَقْنا وقَصَّرْنا لِشَعْرٍ حَضَرْناهُ 



158- ولَمَّا حَلَقْنا حَلَّ لُبْسُ مَخِيطِنا



............................فيا حلْقَةً منها الْمَخِيطَ لَبِسْناهُ 



159- وفيها نَحَرْنا الهَدْيَ طَوْعًا لِرَبِّنا



............................وإبْليسَ لَمَّا أنْ نَحَرْنا نَحَرْناهُ 



160- ومِن بعدِها يَوْمانِ للرَّمْيِ عاجِلاً



............................ففِيها رَمَيْنا والإِلهَ دَعَوْناهُ 



161- وإيَّاهُ أرْضَيْنا بِرَمْي جِمارِنا



............................وشَيْطانَنا المرْجومَ ثُمَّ رَجَمْناهُ 



162- وَبِالخَيْفِ أَعْطانا الإِلَهُ أَمانَنا



............................وَأذْهَبَ عَنَّا كُلَّ ما نَحنُ نَخْشاهُ






النَّفرَةُ مِن مِنى



163- ورُدَّتْ إلى البيتِ الحرامِ وُفودُنا



............................نَحِنُّ لهُ كالطَّيْرِ حَنَّ لِمَأواهُ



164- وطُفْنا طَوافًا للإِفاضَةِ حَولَهُ



............................وَفُزْنا بِهِ بَعدَ الجِمارِ وَزُرْناهُ



165- ومِن بعدِ ما زُرْنا دَخلناهُ دَخْلَةً



............................كأنَّا دَخَلْنا الخُلْدَ حِينَ دَخَلْناهُ



166- وَنِلْنا أمانَ اللهِ عِندَ دُخولِهِ



............................كذا أخبرَ القرآنُ فِيما قَرَأْناهُ



167- فيا مَنزِلاً قدْ كانَ أَبْرَكَ مَنْزِلٍ



............................نَزَلْناهُ في الدُّنيا وَبَيْتًا حَجَجْناهُ



168- تَرى حَجَّةً أُخرى إليه ودَخْلةً



............................وهذا عَلى رَبِّ الوَرَى نَتَمَنَّاهُ



169- فَإخوانَنا ما كانَ أَحْلَى دُخولَنَا



............................إليهِ وَلُبْثًا في ذُرَاهُ لَبِثْناهُ





طوافُ الإِفاضَة



170- نَطوفُ بِه واللهُ يُحْصِي طَوافَنا



............................لِيُسْقِطَ عَنَّا ما نَسِينا وَأحْصاهُ



171- وبِالحَجَرِ الميمونِ عُجْنَا فَإنهُ



............................لِرَبِّ السَّما والأرضِ للخَلْقِ يُمْناهُ



172- نُقَبِّلُهُ مِن حُبِّنا لإِلَهِنا



............................وكَمْ لَثْمَةٍ طَيَّ الطَّوافِ لَثَمْناهُ



173- وذاكَ لنا يومَ القِيامةِ شاهِدٌ



............................وفيهِ لنا للهِ عَهدٌ عَهِدْناهُ



174- ونَستَلِمُ الرُّكْنَ اليَمانِيَّ طاعةً



............................ونَستَغْفِرُ المَولَى إذا ما لَمَسْناهُ



175- ومُلْتَزَمٌ فيه الْتَزَمْنا لِرَبِّنا



............................عُهودًا وعَهْدَ الله فيهِ لَزِمْناهُ



176- وَكم مَوقِفٍ فيه يُجابُ لنا الدُّعَا



............................دَعَوْنا بهِ والقَصْدَ فيهِ نَوَيْناهُ





الصَّلاةُ بِالمقامِ والشُّربُ مِن زَمزمَ والسَّعي



177- وصَلَّى بأركانِ المقامِ حَجيجُنا



............................وفي زَمزَمٍ ماءً طَهُوراً وَرَدْناهُ



178- وفيهِ الشِّفا فيهِ بُلوغُ مُرادِنا



............................لِمَا نَحنُ نَنْوِيهِ إذا ما شَرِبْناهُ



179- وبين الصَّفا والمروةِ الوَفدُ قَد سَعَى



............................فإنَّ تَمامَ الحَجِّ تَكميلُ مَسْعاهُ



180- فسَبْعًا سَعاها سَيِّدُ الرُّسْلِ قَبلَنا



............................ونحنُ تَبِعْناهُ فَسَبْعًا سَعَيْناهُ



181- نُهَرْوِلُ في أثْنائِها كُلَّ مَرَّةٍ



............................فَهَذَاكَ مِن فِعلِ الرَّسولِ فَعَلْناهُ






تَمامُ الحجِّ والتَّحلُّلُ الثَّاني



182- وبعدَ تَمامِ الحجِّ والنُّسْكِ كلِّها



............................حَلَلْنا وباقي عِيسِنا قَد أَنَخْناهُ



183- فمَنْ شاء وافَى الصَّيْدَ والطِّيبَ والنِّسا



............................فقد تَمَّ حَجٌّ للإِلَهِ حَجَجْناهُ



184- ولما اعتَمَرْنا كان أَبْرَكَ عُمْرِنا



............................زمانٌ نَراهُ باعتِمارٍ عَمَرْناهُ






ذِكرُ أقسامِ الدُّعاءِ بعد تَمامِ النُّسُك



185- ولما قَضَيْنا للإلَهِ مَناسِكًا



............................ذَكَرْناهُ والمطلوبَ مِنهُ سَألْناهُ



186- فمِنْ طالبٍ حظًّا بِدُنْيا فمَا لهُ



............................خَلاقٌ بِأُخْراهُ إذا اللهُ لاقاهُ



187- ومِن طالبٍ حُسْنًا بِدُنْيا لِدِينِهِ



............................وحُسْنًا بِأُخْراهُ وذاك يُوَفَّاهُ



188- وآخَرَ لا يَبغي مِن اللهِ حاجَةً



............................سوى نظرةٍ في وجهِهِ يومَ عُقْباهُ






طوافُ الوَداع



189- وباتَ حَجيجُ اللهِ بالبيتِ مُحْدِقًا



............................ورحمةُ رَبِّ العَرشِ إذْ ذاك تَغْشاهُ



190- تَداعَى رِفاقٌ بالرَّحيلِ فمَا تَرَى



............................سِوى دَمعِ عَينٍ بِالدِّماءِ مَزَجْناهُ



191- لِفُرْقةِ بيتِ اللهِ والحجَرِ الذِي



............................لأجلِهِما صَعْبَ الأُمورِ سَلَكْناهُ



192- وودَّعَتِ الحُجَّاجُ بَيتَ إِلَهِها



............................وكُلُّهُمُ تَجري مِن الحُزنِ عَيناهُ



193- فَللَّهِ كم باكٍ وصاحبِ حَسْرَةٍ



............................يَوَدُّ بأنَّ اللهَ كان تَوَفَّاهُ



194- فلو تَشْهَدُ التَّوديعَ يومًا لِبَيْتِهِ



............................فإنَّ فِراقَ البَيْتِ مُرٌّ وَجَدْناهُ



195- فما فُرقَةُ الأَولادِ واللهِ إنهُ



............................أَمَرُّ وأَدْهَى ذاك شَيْءٌ خَبَرْناهُ



196- فمَن لم يُجَرِّبْ ليس يَعرِفُ قَدْرَهُ



............................فجَرِّبْ تَجِدْ تَصديقَ ما قد ذَكَرْناهُ



197- لقد صَدَعَتْ أكبادُنا وقُلوبُنا



............................لِمَا نَحنُ مِن مُرِّ الفِراقِ شَرِبْناهُ



198- وَواللهِ لولا أنْ نُؤَمِّلَ عَودَةً



............................إليهِ لَذُقْنا الموتَ حِينَ فُجِعْناهُ
ذِكرُ الرَّحيلِ إلى طَيبةَ 
وزيارةِ النَّبي -عليه الصلاةُ والسلام- 


199- ومِن بَعدِ ما طُفْنا طَوافَ وَدَاعِنا


............................رَحَلْنا لِمَغْنَى المصْطَفى وَمُصَلاَّهُ 


200- ووَاللهِ لو أنَّ الأسِنَّةَ أُشرِعَتْ


............................وقامَتْ حُروبٌ دُونَهُ ما تَرَكْناهُ 


201- وَلو أنَّنا نسعَى على الرُّوسِ دُونَهُ


............................ومِن دُونِهِ جَفنَ العُيونِ فَرَشْناهُ 


202- وتُمْلَكُ مِنَّا بالوُصولِ رِقابُنا


............................ويُسلَبُ مِنَّا كلُّ شيءٍ مَلَكْناهُ 


203- لكَان يسيرًا في محبَّة أحمدٍ


............................وبالرُّوحِ لو يُشْرَى الوِصالُ شَرَيْناهُ 


204- ورَبِّ الوَرَى لولا محمدُ لم نَكُنْ


............................لِطَيْبةَ نَسْعَى والرِّكابَ شَدَدْناهُ 


205- ولولاهُ ما اشتَقْنا العَقيقَ ولا قُبا


............................ولَولاهُ لَم نَهْوَ المدينةَ لَولاهُ 


206- هو القَصْدُ إنْ غنَّتْ بِنَجْدٍ حُداتُنا


............................وإلا فما نَجدٌ وسَلْعٌ أرَدْناهُ 


207- وما مكةٌ والخَيْفُ قُل لي ولا مِنًى


............................وما عَرَفاتٌ قبلَ شَرْعٍ أَرَاناهُ 


208- بهِ شرفَتْ تلك الأماكنُ كلُّها


............................وربُّك قد خَصَّ الحبيبَ وأعطاهُ 


209- لِمَسجدِهِ سِرْنا وشُدَّتْ رِحالُنا


............................وبين يَدَيْهِ شَوقُنا قَد كَشَفْناهُ 


210- قَطَعْنا إليهِ كُلَّ بَرٍّ ومَهْمَهٍ


............................ولا شاغِلٌ إلا وَعَنَّا قَطَعْناهُ 


211- كذا عَزَماتُ السَّائِرينَ لِطَيبةٍ


............................رَعَى اللهُ عزمًا للحبيبِ عَزَمْناهُ 


212- وكم جَبَلٍ جُزْنا ورَمْلٍ وحاجِزٍ


............................وللهِ كم وادٍ وشِعْبٍ عَبَرْناهُ 


213- تُرَنِّحُنا الأشواقُ نَحوَ مُحمدٍ


............................فنَسْري ولا نَدْري بِما قد سَرَيْناهُ 


214- ولَمَّا بدا جِزْعُ العَقيقِ رأيْتَنا


............................نَشَاوَى سُكارَى فارِحِينَ بِرُؤْياهُ 


215- شَمَمْنا نَسيمًا جاء مِن نَحو طَيْبَةٍ


............................فأهْلاً وسَهلاً يا نسيمًا شَمَمْناهُ 


216- فقد مُلِئَتْ مِنَّا القلوبُ مَسرَّةً


............................وأيُّ سُرورٍ مِثل ما قد سُرِرْناهُ 


217- فوا عَجَباهُ كيف قَرَّتْ عُيونُنا


............................وقد أيْقَنَتْ أنَّ الحبيبَ أتَيْناهُ 

218- ولُقياهُ مِنا بَعدَ بُعدٍ تَقارَبَتْ
............................فواللهِ لا لُقْيا تُعادِلُ لُقْياهُ 

219- وَصَلْنا إليه واتَّصَلْنا بِقُرْبِهِ


............................فَلِلَّهِ ما أحلَى وُصُولاً وَصلْناهُ 


220- وقَفْنا وسلَّمْنا عليه وإنَّه


............................ليَسْمَعُنا مِن غيرِ شكٍّ فَدَيْناهُ 


221- وردَّ علينا بالسَّلام سَلامَنا


............................وقد زادَنا فوقَ الذي قد بَدَأْناهُ 


222- كذا كان خُلقُ المصطفى وصِفاتُهُ


............................بذلك في الكُتْبِ الصِّحاح عَرَفناهُ 


223- وثَمَّ دَعوْنا للأحبةِ كلِّهمْ


............................فكَم مِن حبيبٍ بالدُّعاءِ خَصَصْناهُ (1)


224- ومِلْنا لِتسليمِ الإمامَينِ عِندَهُ


............................فإنَّهُما حَقًّا هناكَ ضَجِيعاهُ 


225- وكم قَد مَشَيْنا في مكانٍ بهِ مَشَى


............................وكم مَدْخَلٍ للهاشِمِيِّ دَخلناهُ 


226- وآثارُهُ فيها العُيونُ تَمَتَّعَتْ


............................وقُمْنا وصلَّيْنا بحيثُ مُصَلاَّهُ 


227- وكم قد نَشَرْنا شَوقَنا لِحَبيبِنا


............................وكم مِن غَليلٍ في القُلوبِ شَفَيْناهُ 


228- ومَسجِدُهُ فيه سَجَدْنا لربِّنا


............................فللهِ ما أعلَى سُجُودًا سَجَدْناهُ 


229- بِرَوضَتِه قُمْنا فَهاتيكَ جَنَّةٌ


............................فيا فوزَ مَن فيها يُصَلِّي وبُشْراهُ 


230- ومِنبَرُهُ الميمونُ مِنه بقيَّةٌ


............................وقَفْنا عليها والفؤادَ كَرَرْناهُ 


231- كذلك مِثلَ الجِذْعِ حنَّتْ قلوبُنا


............................إليه كما ودَّ الحبيبَ وَدَدْناهُ 


232- وزُرْنا قُبا حُبًّا لأحمدَ إذْ مَشَى


............................عسى قدمٌ يَخطو مَقامًا تَخَطَّاهُ 


233- لنُبْعثَ يومَ البعثِ تَحتَ لِوائِهِ


............................إذا اللهُ مِن تلك الأماكنِ نَاداهُ 


234- وزُرنا مَزاراتِ البَقيعِ فَلَيْتَنا


............................هُناك دُفِنَّا والممَات رُزِقْناهُ 


235- وحَمزةَ زُرْناهُ ومَن كانَ حَوْلَهُ


............................شَهيدًا وأُحْدًا بالعيونِ شَهِدناهُ 


236- ولما بَلَغْنا مِن زيارةِ أحمدٍ


............................مُنانا حَمِدْنا ربَّنا وشَكَرْناهُ 


237- ومِن بعد هذا صاحَ بالبَيْنِ صائِحٌ


............................وقال ارْحَلُوا يا لَيْتَنا ما أطَعْناهُ 


238- سَمِعْنا له صوتًا بِتَشْتيتِ شَمْلِنا


............................فيا ما أمرَّ الصوتَ حينَ سَمِعْناهُ 


239- وقُمْنا نَؤُمُّ المصطفى لِوداعِهِ


............................ولا دمعَ إلا للوَداعِ صَبَبْناهُ 


240- ولا صبرَ كيف الصَّبرُ عندَ فِراقِه


............................وهَيهاتَ إنَّ الصَّبرَ عنهُ صَرَفْناهُ 


241- أيَصْبِرُ ذو عقلٍ لفُرقةِ أحمدٍ


............................فلا والذي مِن قابِ قَوسَيْنِ أدْناهُ 


242- فواحَسرَتاهُ مِن وَداعِ محمدٍ


............................وأوَّاهُ مِن يوم التَّفرُّق أوَّاهُ 


243- سأبكي عليهِ قَدْرَ جُهدِي بِناظِرٍ


............................من الشَّوقِ ما تَرقَى مِن الدَّمعِ غَرْباهُ 


244- فيا وَقْتَ تَوديعي لهُ ما أمَرَّهُ


............................ووقتَ اللِّقا واللهِ ما كان أحْلاهُ 


245- عسى اللهُ يُدنيني لأحمدَ ثانيًا


............................فيا حبَّذا قُربُ الحبيبِ ومَدْناهُ 


246- فيا رَبِّ فارزُقْني لِمَغْناهُ عَودةً


............................تُضاعِفْ لنا فيها الثوابَ وتَرْضاهُ 


247- رَحَلْنا وخلَّفْنا لديهِ قلوبَنا


............................فكم جَسَدٍ مِن غيرِ قلبٍ قَلَبْناهُ 


248- ولَمَّا تَركْنا رَبْعَهُ مِن ورائِنا


............................فلا ناظِرٌ إلا إليهِ رَدَدْناهُ 


249- لِنَغْنَمَ مِنهُ نَظرةً بعدَ نَظرةٍ


............................فلمَّا أغَبْناهُ السُّرورَ أغَبْناهُ 


250- فلا عيشَ يَهْنَى معْ فِراق محمدٍ


............................أَأَفْقِدُ مَحبوبي وعَيشِيَ أهْناهُ 


251- دَعُوني أمُتْ شَوقًا إليه وحُرقةً


............................وخُطُّوا على قَبري بأنِّيَ أهْواهُ(2) 


252- فيا صاحِبِي هَذِي التي بي قد جَرَتْ


............................وهذا الذي في حَجِّنا قد عَمِلْناهُ 


253- فإن كنتَ مُشتاقًا فبادِرْ إلى الحِمَى


............................لتَنظُرَ آثارَ الحبيبِ ومَمْشاهُ 


254- وتَحظَى ببَيتِ اللهِ مِن قبل مَنْعِهِ


............................كأنَّا به عمَّا قليلٍ مُنِعْناهُ 


255- أليسَ تَرَى الأشراطَ كيف تَتابَعَتْ


............................فبادِرْ واغنَمْه كما قد غَنِمْناهُ(3) 


256- إلى عَرَفاتٍ عاجِلِ العُمرَ واسْتَبِقْ


............................فثَمَّ إلهُ الخَلْقِ يُسبِغُ نُعْماهُ 


257- وعَيِّدْ مع الحُجَّاجِ يا صاحِ في مِنًى


............................فَعِيدُ مِنًى أعلاهُ عِيدًا وأسْناهُ 


258- وضَحِّ بها واحْلِقْ وسِرْ مُتوجِّهًا


............................إلى البيتِ واصْنَعْ مثلَ ما قد صَنَعْناهُ 


259- وكنْ صابِرًا إنا لَقِينا مَشقَّةً


............................فإن تَلْقَها فاصْبِرْ كصَبْرٍ صَبَرْناهُ 


260- لقد بَعُدَتْ تلك المعالِمُ والرُّبَا


............................فكم مِن رَواحٍ مَعْ غُدُوٍّ غَدَوْناهُ 


261- فبادِرْ إليها لا تَكُنْ مُتوانِيًا


............................لعلَّك تَحظَى بالذي قَد حَظِيناهُ 


262- وحُجَّ بِمالٍ مِن حلالٍ عَرَفْتَهُ


............................وإيَّاك والمالَ الحرامَ وإيَّاهُ 


263- فمَن كان بالمالِ الْمُحرَّمِ حَجُّهُ


............................[فعَنْ] حَجِّهِ واللهِ ما كان أغْناهُ 


264- إذا هو لَبَّى اللهَ كان جوابهُ


............................مِن الله لا لبَّيك حَجٌّ رَدَدناهُ 


265- كذلكَ [جَانا] في الحديثِ مُسطَّرًا


............................ففي الحجِّ أجرٌ وافرٌ قد سَمِعناهُ 


266- ومِن بعدِ حجٍّ سِر لمسجدِ أحمدٍ


............................ولا تَخْطَهُ تَنْدَمْ إذا ما تَخطَّاهُ 


267- فوا أَسَفَ السَّاري إذا ذُكِرَ الحِمَى


............................إذا رَبْعَ خيرِ المرسَلين تَخطَّاهُ 


268- وَوالَهَفَ الآتِي بِحَجٍّ وعُمرةٍ


............................إذا لم يُكمِّل بالزِّيارةِ مَمْشاهُ 


269- يُعَزَّى على ما فاتَهُ مِن مَزارِهِ


............................فقدْ فاتَهُ أجرٌ كثيرٌ بِأُخْراهُ 


270- نظرْناهُ حقًّا حين بانَتْ رِكابُنا


............................على طَيبةٍ حقًّا وصِدقًا نَظرناهُ 


271- وزادتْ بنا الأشواقُ عند دُنُوِّنا
............................إليها فما أحلى دُنُوًّا دَنَيْناهُ 


272- ولَمَّا بَدَت أعلامُها وطُلُولُها


............................تحدَّرتِ الرُّكبانُ عمَّا رَكِبْناهُ 


273- وسِرْنا مُشاةً رِفعةً لمحمدٍ


............................حَثَثْنا الخُطا حتى المُصلَّى دَخَلْناهُ 


274- لنَغْنَم تَضعيفَ الثَّوابِ بِمَسجدٍ


............................صلاةُ الفَتى فيه بألفٍ يُوَفَّاهُ 


275- كذلك فاغْنَمْ في زيارةِ طَيبةٍ


............................كما قد فَعَلْنا واغتَنِم ما غَنِمْناهُ 


276- فإذْ ما رأيتَ القَبرَ قبرَ محمدٍ


............................فلا تَدْنُ منه ذاك أوْلَى لِعلْياهُ 


277- وقِفْ بوَقارٍ عندَه وسَكينةٍ


............................ومَثِّلْ رسولَ الله حيًّا بِمَثْواهُ 


278- وسلِّم عليه والوَزيرَيْن عندهُ


............................وَزُرْهُ كما زُرْنا لنَحْصِدَ عُقْباهُ 


279- وبلِّغْه عنَّا لا عَدِمْتَ سلامَنا


............................فأنتَ رسولٌ للرَّسولِ بَعَثْناهُ 


280- ومَن كان مِنا مُبْلِغًا لسَلامِنا


............................فإنا بِمِبلاغِ السَّلام سَبقناهُ 


281- فيا نعمةً لله لَسْنا بِشُكرِها


............................نَقومُ ولو ماءَ البُحورِ مَدَدْناهُ 


282- فنحمدُ ربَّ العرشِ إذْ كان حجُّنا


............................بِزَوْرَة مَن كان الخِتامَ خَتَمْناهُ 


283- عليكَ سلامُ اللهِ ما دامَتِ السَّما


............................سلامٌ كما يَبغِى الإلهُ ويَرْضاهُ




_______________________
(1) 224- قال الشارح على القصيدة: " والأدب الشرعي اللازم هنا أن يستقبل القِبلة حال الدعاء لا القبر الشريف ".
(2) 251- قال الشارح: " صح الحديث عن جابر -- بنهي رسول الله -- عن الكتابة على القبر".
في (263): [فعن] وردت في المطبوع (فمِن)، وأثبت ما في الشبكة، وكذلك [جانا] في (265)؛ حيث كتبت بالهمزة في المطبوع.
ثم ذكر الشارح في خاتمة الكتاب تنبيهًا هامًّا، قال فيه:
 ثم وقفت على كتاب "إسعاف أهل الإسلام بوظائف الحج إلى بيت الله الحرام" للعلامة المحقق الأستاذ الشيخ حسن محمد المشاط، في طبعته الثالثة (1397هـ-1977م)، مطابع النبوي-جدة.
ورأيتُه ألحق نفس هذه القصيدة تحت اسم: "القصيدة الذهبية، والحجة المكية، والزورة المحمدية" منسوبة إلى العلامة محمد بن رشيد البغدادي، بتعليق وضبط العلامة حسن محمد المشاط الذي افتتح تعليقه بقوله: [هذه المنظومة الذهبية للعلامة مجد الدين أبي عبد الله محمد أبي بكر الشهير بابن <