__________________
نقلتها من كتاب: "مثير الغرام إلى طيبة والبلد الحرام"، الطبعة الثانية، 1413ه -من طبعة مصوَّرة على الشبكة=(بي دي إف)-، والكتاب يحوي قصيدة الصنعاني -- (ذكرى الحجِّ وبركاتُه)، بشرح الشيخ إسماعيل المقدم -وفقه الله-، ولم أجد القصيدة على الشبكة مضبوطة، فقررت نقلها وضبطها.
==========================
30- فَفِي رَبْعِهِمْ لِلَّهِ بَيْتٌ مُبارَكٌ
............................إِليهِ قُلوبُ الخَلْقِ تَهْوِي وَتَهْواهُ
31- يَطوفُ به الجانِي فَيُغْفَرُ ذَنْبُهُ
............................ويَسقُطُ عنهُ جُرْمُهُ وَخَطاياهُ
32- فَكَمْ لذَّةٍ كمْ فَرحَةٍ لِطَوافِهِ
............................فَلِلَّهِ ما أحلى الطَّوافَ وَأَهْناهُ
33- نَطوفُ كَأنَّا في الجِنانِ نَطُوفُها
............................وَلا هَمَّ لا غَمٌّ فَذاكَ نَفَيْناهُ
34- فَيا شَوقَنا نَحوَ الطَّوافِ وَطِيبِهِ
............................فَذَلِكَ شَوقٌ لا يُحاطُ بِمَعناهُ
35- فَمَنْ لم يَذُقْهُ لم يَذُقْ قَطُّ لَذَّةً
............................فَذُقْهُ تَذُقْ يا صاحِ ما قَدْ أُذِقْناهُ
36- فَوَاللهِ ما نَنْسَى الحِمَى فَقُلوبُنا
............................هُنَاك تَركْناها فيا كَيفَ نَنْساهُ
37- تَرَى رَجْعَةً هل عَودةٌ لِطَوَافِنا
............................وَذَاكَ الحِمَى قبلَ الْمَنِيَّةِ نَغْشاهُ
38- وَوَاللهِ ما نَنْسَى زَمانَ مَسيرِنا
............................إِليهِ وَكُلُّ الرَّكْبِ قَدْ لَذَّ مَسْرَاهُ
39- وَقَدْ نُسِيَتْ أولادُنا وَنِساؤُنا
............................وَأَموالُنا فَالقَلْبُ عَنهُمْ شَغَلْناهُ
40- تَراءَتْ لنا أعْلامُ وَصْلٍ عَلى اللِّوَى
............................فَمِنْ أَجْلِها فالقلْبُ عَنْهُم لَوَيْناهُ
41- جَعَلْنا إِلَهَ الْعَرْشِ نُصْبَ عُيونِنا
............................ومَنْ دُونَهُ خَلفَ الظُّهُورِ نَبَذْناهُ
42- وَسِرْنا نَشُقُّ الْبِيدَ لِلبَلَدِ الذي
............................بِجُهْدٍ وَشِقٍّ لِلنُّفوسِ بَلَغْناهُ
43- رِجالاً ورُكْبانًا على كُلِّ ضامِرٍ
............................ومِنْ كُلِّ ذِي فَجٍّ عَميقٍ أَتَيْناهُ
44- نَخوضُ إِليهِ الْبَرَّ والبَحرَ والدُّجَى
............................وَلا قاطِعٌ إِلا وَعنهُ قَطَعْناهُ
45- ونَطْوِي الفَلاَ مِن شِدَّةِ الشَّوقِ لِلِّقَا
............................فتُمْسِي الفَلا تَحكِي سِجِلاًّ قَطَعْناهُ
46- وَلا صَدَّنا عن قَصْدِنا بُعْدُ أهْلِنا
............................ولا هَجْرُ جارٍ أو حَبيبٍ أَلِفْناهُ
47- وَأموالُنا مَبذُولَةٌ وَنُفُوسُنا
............................ولم نُبقِ شَيئًا منهما ما بَذَلْناهُ
48- عَرَفْنا الَّذِي نَبْغِي وَنَطلُبُ فَضلَهُ
............................فَهانَ عَلينا كُلُّ شَيءٍ بَذَلْناهُ
49- فَمَنْ عَرَفَ المطلوبَ هانَتْ شَدائِدٌ
............................عَليهِ ويَهْوَى كُلَّ ما فِيهِ يَلْقاهُ
50- فيَا لَو تَرانا كُنتَ تَنظُرُ عُصْبَةً
............................حَيارَى سُكارَى نَحوَ مَكَّةَ وُلاَّهُ
51- فَلِلَّهِ كَم ليلٍ قَطَعْناهُ بِالسُّرَى
............................وَبَرٍّ [بِسَيْرِ] اليَعْمُلاتِ بَرَيْناهُ
52- وكمْ مِنْ طَريقٍ مُفْزِعٍ في مَسيرِنا
............................سَلَكْنا وَوَادٍ بِالمَخُوفاتِ جُزْناهُ
53- وَلَو قِيلَ إنَّ النَّارَ دُونَ مَزارِكُمْ
............................دَفَعْنا إِلَيْها وَالعَذُولَ دَفَعْناهُ
54- فَمَوْلَى الموَالِي للزِّيارَةِ قد دَعَا
............................أَنَقْعُدُ عَنها وَالمَزُورُ هُو اللهُ؟!
55- تَرادَفَتِ الأشْواقُ واضْطَرَمَ الحَشَا
............................فَمَنْ ذَا لَهُ صَبْرٌ وفي النَّار أحْشَاهُ
56- وأَسْرَى بِنا الحادِي فَأَمْعَنَ في السُّرَى
............................وَوَلَّى الكَرَى نَوْمَ الجُفونِ نَفَيْناهُ
---------------------------------
في هذا الفصل من كتاب "مثير الغرام" -المذكور في المشاركة السابقة-؛ حصل خطأ في عد الأبيات؛ فقد تكرر الرقم (46)، فجاءت الأبيات (55) بيتًا.
وما بين معقوفين [بِسَيْر]؛ وقع في الكتاب (يَسير)، فرأيت أن الصواب ما أثبته نقلا من الشبكة. والله أعلم.
=================================
57- ولَمَّا بَدا مَيقاتُ إِحرامَ حَجِّنا
............................نَزلْنا بِه وَالعِيسَ فيهِ أنَخْناهُ
58- لِيَغتَسِلَ الحُجَّاجُ فيهِ ويُحْرِمُوا
............................فَمِنْهُ نُلَبِّي رَبَّنا لا حُرِمْناهُ
59- ونادَى مُنادٍ للحَجِيجِ لِيُحْرِمُوا
............................فَلَمْ يَبْقَ إلا مَن أجابَ وَلبَّاهُ
60- وجُرِّدَتِ القمْصانُ وَالكُلُّ أَحْرَمُوا
............................ولا لُبسَ لا طِيبٌ جميعًا هَجَرْناهُ
61- ولا لَهْوَ لا صَيْدٌ ولا نَقْرَبُ النِّسَا
............................ولا رَفَثٌ لا فِسْقَ كُلاًّ رَفَضْناهُ
62- وَصِرْنا كَأمْواتٍ لَفَفْنا جُسُومَنا
.................................بِأكْفانِنا كُلٌّ ذَليلٌ لِمَولاهُ
63- لعلَّ يَرى ذُلَّ العِبادِ وَكَسْرَهُمْ
............................فَيرحَمُهُمْ رَبٌّ يُرَجُّونَ رُحْمَاهُ
64- يُنادُونَهُ لبَّيْكَ لَبَّيْكَ ذا العُلى
..........................وسَعْدَيْكَ كُلُّ الشِّرْكِ عَنكَ نَفَيْناهُ
65- فَلَو كُنتَ يا هَذا تُشاهِدُ حالَهُمْ
..........................لأَبْكاكَ ذاكَ الحالُ في حالِ مَرآهُ
66- وُجوهُهُمُ غُبرٌ وشُعثٌ رؤُوسُهُمْ
...............................فلا رَأسَ إلا لِلإِلَهِ كَشَفْناهُ
67- لَبِسْنا دُرُوعًا مِن خُضوعٍ لِرَبِّنا
........................ومَا كان مِن دِرعِ المعاصِي خَلَعْناهُ
68- وَذاك قَليلٌ في كثيرِ ذُنوبِنا
............................فيا طالَما رَبَّ العِبادِ عَصَيْناهُ
69- إلى زَمزمٍ زُمَّتْ رِكابُ مَطِيِّنا
........................ونَحوَ الصَّفا عِيسَ الوُفودِ صَفَفْناهُ
70- نَؤُمُّ مَقامًا للخَليلِ مُعظَّمًا
............................إليهِ استَبَقْنا والرِّكابَ حَثَثْناهُ
71- ونحنُ نُلَبِّي في صُعودٍ وَمَهْبِطٍ
............................كَذا حالُنا في كُلِّ مَرقًى رَقِيناهُ
72- وكم نَشَزٍ عالٍ عَلَتْهُ رُفُودُنا
............................وتَعْلُو به الأصواتُ حِينَ عَلَوْناهُ
73- نَحُجُّ لِبيتٍ حَجَّهُ الرُّسْلُ قَبْلَنا
............................لِنشهَدَ نَفْعًا في الكتابِ وُعِدْناهُ
74- دَعانا إليهِ اللهُ قَبلَ بِنائِهِ
...............................فقُلْنا لَهُ لَبَّيْكَ داعٍ أَجَبْناهُ
75- أتَيْناكَ لَبَّيْناكَ جِئْناكَ رَبَّنا
..............................إليكَ هَرَبْنا والأنامَ تَرَكْناهُ
76- وَوَجْهَكَ نَبْغي أنْتَ للقَلْبِ قِبْلَةٌ
............................إذا ما حَجَجْنا أنتَ للحَجِّ رُمْناهُ
77- فمَا البَيْتُ ما الأرْكانُ ما الحِجْرُ ما الصَّفَا
............................وما زمزمٌ أنتَ الذِي قدْ قَصَدْناهُ
78- وأنتَ مُنانا أنتَ غايَةُ سُؤْلِنا
............................وأنتَ الذِي دُنْيَا وأُخْرَى أرَدْناهُ
79- إليكَ شَدَدْنا الرَّحْلَ نَخْتَرِقِ الفَلاَ
............................فكَم سَدَّ سَدٌّ في سَوادٍ خَرَقْناهُ
80- كذلك ما زِلْنا نُحاوِلُ سَيْرَنا
............................نهارًا ولَيْلًا عِيسَنا مَا أرَحْناهُ
81- إلى أنْ بَدَتْ إِحدَى المعالِمِ مِن مِنًى
............................وَهَبَّ نَسيمٌ بِالوصولِ نَشِقْناهُ
82- ونادَى بِنا حادِي الْبِشارَةِ والْهَنا
............................فهذا الحِمَى هذا ثَرَاهُ غَشِيْناهُ
( العُلى ) كذا في الطبعة، وفي الشبكة ( العُلا )، وبينهما فرق في المعنى -فيما أعلم-.
( الوصول ) كذا -أيضا- في الطبعة، وفي الشبكة (الوِصال)، ولعل لها معنى ألطف! قد تكون القصيدة نقلت للشبكة من طبعة تختلف عما أثبتت عليه في كتاب "مثير الغرام".
رُؤيةُ البَيت
83- وما زالَ وفدُ اللهِ يَقصِدُ مَكةً
............................إلى أن بَدا البيتُ العتيقُ ورُكْناهُ
84- فضجَّتْ ضُيوفُ اللهِ بَِالذِّكرِ والدُّعَا
............................وكَبَّرَتِ الحُجَّاجُ حين رَأيناهُ
85- وَقد كادَتِ الأَرواحُ تَزهَقُ فَرحَةً
............................لِما نَحنُ مِن عُظْمِ السُّرورِ وَجدْناهُ
86- تُصافِحُنا الأملاكُ مَن كان راكبًا
............................وتَعتَنِقُ الماشِي إذا ثَمَّ تَلْقاهُ
طوافُ القُدوم
87- فطُفْنا بِهِ سَبْعًا رَمَلْنا ثلاثَةً
............................وَأربعَةً مَشْيًا كما قَد أُمِرْناهُ
88- كذلكَ طافَ الهاشِميُّ محمدٌ
............................طَوافَ قُدومٍ مثلَ ما طافَ طُفْناهُ
89- وَسالَتْ دُموعٌ مِن غَمامِ جُفونِنا
............................على ما مَضَى مِن إِثمِ ذنبٍ كَسَبْناهُ
90- ونحنُ ضُيوفُ اللهِ جِئْنا لِبَيْتِهِ
............................نُريدُ القِرَى نَبْغِي مِنَ اللهِ حُسْنَاهُ
91- فنَادَى بنا أهلاً ضُيوفي تَباشَرُوا
............................وَقَرُّوا عُيونًا فالحجيجَ قَبِلْناهُ
92- غدًا تَنْظُروني في جِنانِ خُلودِكم
............................وذاك قِراكُم مَعْ نَعيمٍ ذَخَرْناهُ
93- فأَيُّ قِرًى يَعلُو قِرَانا لِضَيْفِنا
............................وأيُّ ثوابٍ مِثل ما قَد أَثَبْناهُ
94- وكُلُّ مُسيءٍ قد أَقَلْنا عِثارَهُ
............................ولا وِزْرَ إلا عَنكُمُ قَد وَضَعْناهُ
95- ولا نصَبٌ إلا وعِندي جَزاؤُهُ
............................وكلُّ الذي أنفقْتُمُوه حَسَبْناهُ
96- سَأعطيكمُ أَضْعافَ أَضْعافِ مِثْلِهِ
............................فَطِيبُوا نُفوسًا فَضْلَنا قد مَنَحْناهُ
97- فيا مَرْحَبًا بالقادِمين لِبَيْتِنا
............................إلـيَّ حَجَجْتُمْ لا لِبَيْتٍ بَنَيْناهُ
98- عليَّ الجَزَا مِنِّي المثوبةُ والرِّضا
............................ثوابُكُمُ يومَ الجَزَاءِ ضَمِنَّاهُ
99- فطِيبُوا سُرورًا وافرَحُوا وتَباشَرُوا
............................وتِيهُوا وهِيمُوا بابَنا قد فَتَحْناهُ
100- ولا ذنبَ إلا قد غفرناهُ عَنكمُ
............................وما كان مِنْ عَيبٍ عَليكُمْ سَتَرْناهُ
101- فهذا الذي نِلْنا بِيَومِ قُدومِنا
............................وأوَّلُ ضِيقٍ للصُّدُورِ شَرَحْنَاهُ
102- وبِتْنا بأقطارِ الْمُحَصَّبِ مِن مِنًى
............................فيَا طِيبَ ليلٍ بِالْمُحصَّبِ بِتْنَاهُ
103- وفي يَومِنا سِرْنا إلى الجبَلِ الذي
............................مِنَ البُعْدِ جِئْناهُ لما قَد وَجَدْناهُ
104- فلا حَجَّ إلا أنْ نكونَ بأرضِهِ
............................وُقوفًا وهذا في الصَّحيحِ رويناهُ
105- إليهِ ابْتَدَرْنا قاصِدِينَ إِلَهَنا
............................فَلَوْلاهُ ما كُنَّا لِحَجٍّ سَلَكْناهُ
106- وَسِرْنا إليه قاصِدين وُقوفَنا
............................عليهِ ومِن كلِّ الجِهاتِ أَتَيْناهُ
107- عَلى عَلَمَيْهِ للوُقوفِ جَلالةٌ
............................فلا زالَتا تُحْمَى وتُحْرَسُ أرْجاهُ
108- وبَينهما جُزْنا إليهِ بزُحْمَةٍ
............................فيَا طِيبَها ليتَ الزِّحامَ رَجَعْناهُ
109- ولَمَّا رأيْناهُ تَعالَى عَجِيجُنا
............................نُلَبِّي وبالتَّهْليلِ مِنَّا مَلأْناهُ
110- وفِيهِ نَزلْنا بُكرَةً بِذُنوبِنا
............................وما كانَ مِن ثُقْلِ المعَاصِي حَمَلْناهُ
الوُقـوفُ بعَـرفـة
111- وبعدَ زَوالِ الشَّمسِ كان وُقوفُنا
............................إلى الليلِ نَبكي والدعاءَ أَطَلْناهُ
112- فكَمْ حامِدٍ كَم ذاكِرٍ ومُسَبِّحٍ
............................وكمْ مُذنِبٍ يَشكُو لِمَولاهُ بَلْوَاهُ
113- فكم خاضِعٍ كمْ خاشِعٍ مُتذَلِّلٍ
............................وكم سائلٍ مُدَّتْ إلى اللهِ كَفَّاهُ
114- وسَاوَى عَزيزٌ في الوُقوفِ ذَليلَنا
............................وكم ثَوبِ عِزٍّ في الوُقوفِ لَبِسْناهُ
115- ورَبٌّ دَعانا ناظِرٌ لِخُضوعِنا
............................خَبيرٌ عَليمٌ بالذِي قد أرَدْناهُ
116- ولَمَّا رأى تلكَ الدُّموعَ التي جَرَتْ
............................وطُولَ خُشوعٍ معْ خُضوعٍ خَضَعْناهُ
117- تَجلَّى عَلينا بِالمَتابِ وبالرِّضا
............................وباهَى بنا الأمْلاكَ حينَ وَقَفْناهُ
118- وقال انظُرُوا شُعْثًا وغُبْرًا جُسومُهُمْ
............................أَجِرْنا أغِثْنا يا إِلهًا دَعَوْناهُ
119- وقدْ هَجَرُوا أموالَهُم ودِيارَهُمْ
............................وأولادَهُم والكُلُّ يَرفَعُ شَكْواهُ
120- إلَيَّ فإنِّي ربُّهم ومَليكُهُمْ
............................لِمَن يَشتَكي المملوكُ إلا لِمَوْلاهُ
121- ألاَ فاشْهَدوا أنِّي غَفرتُ ذُنوبَهُمْ
............................ألاَ فانْسَخُوا ما كان عَنْهُم نَسَخْناهُ
122- فقد بُدِّلَتْ تِلكَ الْمَساوِي مَحاسِنًا
............................وذلكَ وَعْدٌ مِن لَدُنَّا وَعَدْناهُ
123- فيا صاحِبي مَن مِثْلُنا في مَقامِنا
............................ومَن ذا الذي قدْ نالَ ما نحنُ نِلْناهُ
124- على عَرفاتٍ قد وَقَفْنا بِمَوقِفٍ
............................بهِ الذَّنبُ مَغفورٌ وفيهِ مَحَوْناهُ
125- وقد أَقْبَلَ البارِي عَلينا بِفَضْلِهِ
............................وقال ابْشِرُوا فالعفوُ فيكم نَشَرْناهُ
126- وعنكمْ ضَمِنَّا كُلَّ تابِعَةٍ جَرَتْ
............................عَلَيْكُمْ وأَمَّا حَقَّنا فَوَهَبْناهُ
127- أقَلْناكُمُ مِن كُلِّ ما قدْ جَنَيْتُمُ
............................وما كانَ مِن عُذرٍ لدَيْنا عَذَرْناهُ
128- فيا مَن أسَا يا مَن عَصَى لو رَأَيْتَنا
............................وَأَوْزارُنا تُرْمَى ويَرْحَمُنا اللهُ
129- وَدِدْتُ بأنْ لو كُنتَ بين رِحالِنا
............................وترجُو رحيمًا كُلُّنا يَتَرجَّاهُ
130- وَقَفنا لدَيْهِ تائِبينَ مِنَ الخَطا
............................وغُفرانَنا مِن ربِّنا قد طَلَبْناهُ
131- أُمِرْنا بِحُسْنِ الظنِّ واللهُ حثَّنا
............................عليهِ وهذا في الحديثِ رويناهُ
132- عليهِ اتَّكَلْنا واطْمَأَنَّتْ قُلوبُنا
............................لِما عِندَهُ مِن وُسْعِ عَفوٍ عَرَفْناهُ
133- فَطُوبَى لِمَنْ ذاكَ المقامُ مقامُهُ
............................وبُشْراهُ في يومِ التَّغابُنِ بُشْراهُ
134- تَرى مَوقِفًا فيهِ الخزائِنُ فُتِّحَتْ
............................وَوَالَى علينا اللهُ منها عَطاياهُ
135- فَصالَحَ مَهْجورًا وَقَرَّبَ مُبْعَدًا
............................وذاكَ مَقامُ الصُّلْحِ للصُّلْحِ قُمْناهُ
136- ودارَ علينا الكأسُ بالفَضْلِ والرِّضا
............................سُقِينا شَرابًا مِثْلَهُ ما سُقيناهُ
137- فإنْ شِئتَ تُسْقَى ما سُقينا على الحِمَى
............................فَخَلِّ الوَنَى واقْصِدْ مَقامًا قَصَدْناهُ
138- وفيهِ بسَطْنا للرَّحيمِ كُفُوفَنا
............................فقالَ كُفِيتُمْ عَفْوَنا قد بَسَطْناهُ
139- وأعْتَقَنا كُلاًّ وأَهْدَرَ ما مَضَى
............................وقالَ لنا كلَّ العِتابِ طَوَيْناهُ
ذِكرُ خِزيِ إبليسَ اللَّعين
140- فإبليسُ مَغمومٌ لِكثرَةِ ما يَرَى
............................مِن العِتقِ مَحْقُورًا ذليلًا دَحَرْناهُ
141- عَلى رَأسِهِ يَحْثو التُّرابَ مُنادِيًا
............................بأعْوانِهِ وَيْلاهُ ذا اليومَ وَيْلاهُ
142- وأظهَرَ مِنَّا حَسْرَةً ونَدامَةً
............................وكُلََّ بِناءٍ قَدْ بَنَاهُ هَدَمْناهُ
143- ترَكْناهُ يَبْكِي بَعْدَما كانَ ضاحِكًا
............................فكَمْ مُذنِبٍ مِن كَفِّهِ قد سَلَلْناهُ
144- وكمْ أَمِلٍ نِلْناهُ يَومَ وُقوفِنا
............................وكمْ مِن أسِيرٍ للمَعاصِي فَكَكْناهُ
145- وكَمْ قَد رَفَعْنا للإلهِ مَطالبًا
............................ولا أحَدًا مِمَّنْ نُحِبُّ نَسِيناهُ
146- وَخُصِّصَتِ الآباءُ والأهْلُ بالدُّعَا
............................وكَم صاحِبٍ دانٍ وَناءٍ ذَكَرْناهُ
147- كذا فَعَلَ الحُجَّاجُ هاتِيكَ عادَة
............................وما فعلَ الحُجَّاجُ فيه فَعَلْناهُ
148- وَظلَّ إلى وَقتِ الغُروبِ وُقوفُنا
............................وقيلَ ادْفعوا فَالكُلُّ مِنكمْ قَبِلْناهُالإفاضَة والمَبيتُ بِمُزدَلِفة وذِكرُ اللهِ عندَ المَشْعَر
149- أَفيضُوا وأنتمْ حامِدونَ إِلَهَكُمْ
............................إلى مَشْعَرٍ جاءَ الكِتابُ بِذِكْراهُ
150- وسِيرُوا إليهِ واذْكُرُوا اللهَ عِنْدَهُ
............................فَسِرْنا وفي وَقتِ العِشاءِ نَزَلْناهُ
151- وفيهِ جَمَعْنا مَغرِبًا وعِشاءَها
............................تَرَى عائِدًا جَمْعًا لِجَمْعٍ جَمَعْناهُ
152- وبِتْنا بِهِ حتى لَقَطْنا جِمارَنا
............................ورَبًّا شَكَرْناهُ عَلى ما هَدَاناهُ
153- ومِنهُ أفَضْنا حَيثُما النَّاسُ قَبْلَنا
............................أفاضُوا وغُفْرانَ الإِلهِ طَلَبْناهُ
نُزولُ مِنى والرَّمْي والحلْقُ والنَّحر
154- ونَحْوَ مِنًى مِلْنا بها كانَ عِيدُنا
............................ونِلْنا بها مَا القَلبُ كان تَمَنَّاهُ
155- فَمَنْ مِنكُمُ بِاللهِ عَيَّدَ عِيدَنا
............................فَعِيدُ مِنًى رَبُّ البَرِيَّةِ أعْلاهُ
156- وفيهِ رَمَيْنا للعِقابِ جِمارَنا
............................ولا جُرْمَ إلا مَعْ جِمارٍ رَمَيْناهُ
157- وبالجمْرةِ القُصوَى بَدَأْنا وَعِنْدَها
............................حَلَقْنا وقَصَّرْنا لِشَعْرٍ حَضَرْناهُ
158- ولَمَّا حَلَقْنا حَلَّ لُبْسُ مَخِيطِنا
............................فيا حلْقَةً منها الْمَخِيطَ لَبِسْناهُ
159- وفيها نَحَرْنا الهَدْيَ طَوْعًا لِرَبِّنا
............................وإبْليسَ لَمَّا أنْ نَحَرْنا نَحَرْناهُ
160- ومِن بعدِها يَوْمانِ للرَّمْيِ عاجِلاً
............................ففِيها رَمَيْنا والإِلهَ دَعَوْناهُ
161- وإيَّاهُ أرْضَيْنا بِرَمْي جِمارِنا
............................وشَيْطانَنا المرْجومَ ثُمَّ رَجَمْناهُ
162- وَبِالخَيْفِ أَعْطانا الإِلَهُ أَمانَنا
............................وَأذْهَبَ عَنَّا كُلَّ ما نَحنُ نَخْشاهُ
النَّفرَةُ مِن مِنى
163- ورُدَّتْ إلى البيتِ الحرامِ وُفودُنا
............................نَحِنُّ لهُ كالطَّيْرِ حَنَّ لِمَأواهُ
164- وطُفْنا طَوافًا للإِفاضَةِ حَولَهُ
............................وَفُزْنا بِهِ بَعدَ الجِمارِ وَزُرْناهُ
165- ومِن بعدِ ما زُرْنا دَخلناهُ دَخْلَةً
............................كأنَّا دَخَلْنا الخُلْدَ حِينَ دَخَلْناهُ
166- وَنِلْنا أمانَ اللهِ عِندَ دُخولِهِ
............................كذا أخبرَ القرآنُ فِيما قَرَأْناهُ
167- فيا مَنزِلاً قدْ كانَ أَبْرَكَ مَنْزِلٍ
............................نَزَلْناهُ في الدُّنيا وَبَيْتًا حَجَجْناهُ
168- تَرى حَجَّةً أُخرى إليه ودَخْلةً
............................وهذا عَلى رَبِّ الوَرَى نَتَمَنَّاهُ
169- فَإخوانَنا ما كانَ أَحْلَى دُخولَنَا
............................إليهِ وَلُبْثًا في ذُرَاهُ لَبِثْناهُ
طوافُ الإِفاضَة
170- نَطوفُ بِه واللهُ يُحْصِي طَوافَنا
............................لِيُسْقِطَ عَنَّا ما نَسِينا وَأحْصاهُ
171- وبِالحَجَرِ الميمونِ عُجْنَا فَإنهُ
............................لِرَبِّ السَّما والأرضِ للخَلْقِ يُمْناهُ
172- نُقَبِّلُهُ مِن حُبِّنا لإِلَهِنا
............................وكَمْ لَثْمَةٍ طَيَّ الطَّوافِ لَثَمْناهُ
173- وذاكَ لنا يومَ القِيامةِ شاهِدٌ
............................وفيهِ لنا للهِ عَهدٌ عَهِدْناهُ
174- ونَستَلِمُ الرُّكْنَ اليَمانِيَّ طاعةً
............................ونَستَغْفِرُ المَولَى إذا ما لَمَسْناهُ
175- ومُلْتَزَمٌ فيه الْتَزَمْنا لِرَبِّنا
............................عُهودًا وعَهْدَ الله فيهِ لَزِمْناهُ
176- وَكم مَوقِفٍ فيه يُجابُ لنا الدُّعَا
............................دَعَوْنا بهِ والقَصْدَ فيهِ نَوَيْناهُ
الصَّلاةُ بِالمقامِ والشُّربُ مِن زَمزمَ والسَّعي
177- وصَلَّى بأركانِ المقامِ حَجيجُنا
............................وفي زَمزَمٍ ماءً طَهُوراً وَرَدْناهُ
178- وفيهِ الشِّفا فيهِ بُلوغُ مُرادِنا
............................لِمَا نَحنُ نَنْوِيهِ إذا ما شَرِبْناهُ
179- وبين الصَّفا والمروةِ الوَفدُ قَد سَعَى
............................فإنَّ تَمامَ الحَجِّ تَكميلُ مَسْعاهُ
180- فسَبْعًا سَعاها سَيِّدُ الرُّسْلِ قَبلَنا
............................ونحنُ تَبِعْناهُ فَسَبْعًا سَعَيْناهُ
181- نُهَرْوِلُ في أثْنائِها كُلَّ مَرَّةٍ
............................فَهَذَاكَ مِن فِعلِ الرَّسولِ فَعَلْناهُ
تَمامُ الحجِّ والتَّحلُّلُ الثَّاني
182- وبعدَ تَمامِ الحجِّ والنُّسْكِ كلِّها
............................حَلَلْنا وباقي عِيسِنا قَد أَنَخْناهُ
183- فمَنْ شاء وافَى الصَّيْدَ والطِّيبَ والنِّسا
............................فقد تَمَّ حَجٌّ للإِلَهِ حَجَجْناهُ
184- ولما اعتَمَرْنا كان أَبْرَكَ عُمْرِنا
............................زمانٌ نَراهُ باعتِمارٍ عَمَرْناهُ
ذِكرُ أقسامِ الدُّعاءِ بعد تَمامِ النُّسُك
185- ولما قَضَيْنا للإلَهِ مَناسِكًا
............................ذَكَرْناهُ والمطلوبَ مِنهُ سَألْناهُ
186- فمِنْ طالبٍ حظًّا بِدُنْيا فمَا لهُ
............................خَلاقٌ بِأُخْراهُ إذا اللهُ لاقاهُ
187- ومِن طالبٍ حُسْنًا بِدُنْيا لِدِينِهِ
............................وحُسْنًا بِأُخْراهُ وذاك يُوَفَّاهُ
188- وآخَرَ لا يَبغي مِن اللهِ حاجَةً
............................سوى نظرةٍ في وجهِهِ يومَ عُقْباهُ
طوافُ الوَداع
189- وباتَ حَجيجُ اللهِ بالبيتِ مُحْدِقًا
............................ورحمةُ رَبِّ العَرشِ إذْ ذاك تَغْشاهُ
190- تَداعَى رِفاقٌ بالرَّحيلِ فمَا تَرَى
............................سِوى دَمعِ عَينٍ بِالدِّماءِ مَزَجْناهُ
191- لِفُرْقةِ بيتِ اللهِ والحجَرِ الذِي
............................لأجلِهِما صَعْبَ الأُمورِ سَلَكْناهُ
192- وودَّعَتِ الحُجَّاجُ بَيتَ إِلَهِها
............................وكُلُّهُمُ تَجري مِن الحُزنِ عَيناهُ
193- فَللَّهِ كم باكٍ وصاحبِ حَسْرَةٍ
............................يَوَدُّ بأنَّ اللهَ كان تَوَفَّاهُ
194- فلو تَشْهَدُ التَّوديعَ يومًا لِبَيْتِهِ
............................فإنَّ فِراقَ البَيْتِ مُرٌّ وَجَدْناهُ
195- فما فُرقَةُ الأَولادِ واللهِ إنهُ
............................أَمَرُّ وأَدْهَى ذاك شَيْءٌ خَبَرْناهُ
196- فمَن لم يُجَرِّبْ ليس يَعرِفُ قَدْرَهُ
............................فجَرِّبْ تَجِدْ تَصديقَ ما قد ذَكَرْناهُ
197- لقد صَدَعَتْ أكبادُنا وقُلوبُنا
............................لِمَا نَحنُ مِن مُرِّ الفِراقِ شَرِبْناهُ
198- وَواللهِ لولا أنْ نُؤَمِّلَ عَودَةً
............................إليهِ لَذُقْنا الموتَ حِينَ فُجِعْناهُ
وزيارةِ النَّبي -عليه الصلاةُ والسلام-
199- ومِن بَعدِ ما طُفْنا طَوافَ وَدَاعِنا
............................رَحَلْنا لِمَغْنَى المصْطَفى وَمُصَلاَّهُ
200- ووَاللهِ لو أنَّ الأسِنَّةَ أُشرِعَتْ
............................وقامَتْ حُروبٌ دُونَهُ ما تَرَكْناهُ
201- وَلو أنَّنا نسعَى على الرُّوسِ دُونَهُ
............................ومِن دُونِهِ جَفنَ العُيونِ فَرَشْناهُ
202- وتُمْلَكُ مِنَّا بالوُصولِ رِقابُنا
............................ويُسلَبُ مِنَّا كلُّ شيءٍ مَلَكْناهُ
203- لكَان يسيرًا في محبَّة أحمدٍ
............................وبالرُّوحِ لو يُشْرَى الوِصالُ شَرَيْناهُ
204- ورَبِّ الوَرَى لولا محمدُ لم نَكُنْ
............................لِطَيْبةَ نَسْعَى والرِّكابَ شَدَدْناهُ
205- ولولاهُ ما اشتَقْنا العَقيقَ ولا قُبا
............................ولَولاهُ لَم نَهْوَ المدينةَ لَولاهُ
206- هو القَصْدُ إنْ غنَّتْ بِنَجْدٍ حُداتُنا
............................وإلا فما نَجدٌ وسَلْعٌ أرَدْناهُ
207- وما مكةٌ والخَيْفُ قُل لي ولا مِنًى
............................وما عَرَفاتٌ قبلَ شَرْعٍ أَرَاناهُ
208- بهِ شرفَتْ تلك الأماكنُ كلُّها
............................وربُّك قد خَصَّ الحبيبَ وأعطاهُ
209- لِمَسجدِهِ سِرْنا وشُدَّتْ رِحالُنا
............................وبين يَدَيْهِ شَوقُنا قَد كَشَفْناهُ
210- قَطَعْنا إليهِ كُلَّ بَرٍّ ومَهْمَهٍ
............................ولا شاغِلٌ إلا وَعَنَّا قَطَعْناهُ
211- كذا عَزَماتُ السَّائِرينَ لِطَيبةٍ
............................رَعَى اللهُ عزمًا للحبيبِ عَزَمْناهُ
212- وكم جَبَلٍ جُزْنا ورَمْلٍ وحاجِزٍ
............................وللهِ كم وادٍ وشِعْبٍ عَبَرْناهُ
213- تُرَنِّحُنا الأشواقُ نَحوَ مُحمدٍ
............................فنَسْري ولا نَدْري بِما قد سَرَيْناهُ
214- ولَمَّا بدا جِزْعُ العَقيقِ رأيْتَنا
............................نَشَاوَى سُكارَى فارِحِينَ بِرُؤْياهُ
215- شَمَمْنا نَسيمًا جاء مِن نَحو طَيْبَةٍ
............................فأهْلاً وسَهلاً يا نسيمًا شَمَمْناهُ
216- فقد مُلِئَتْ مِنَّا القلوبُ مَسرَّةً
............................وأيُّ سُرورٍ مِثل ما قد سُرِرْناهُ
217- فوا عَجَباهُ كيف قَرَّتْ عُيونُنا
............................وقد أيْقَنَتْ أنَّ الحبيبَ أتَيْناهُ
218- ولُقياهُ مِنا بَعدَ بُعدٍ تَقارَبَتْ
............................فواللهِ لا لُقْيا تُعادِلُ لُقْياهُ
219- وَصَلْنا إليه واتَّصَلْنا بِقُرْبِهِ
............................فَلِلَّهِ ما أحلَى وُصُولاً وَصلْناهُ
220- وقَفْنا وسلَّمْنا عليه وإنَّه
............................ليَسْمَعُنا مِن غيرِ شكٍّ فَدَيْناهُ
221- وردَّ علينا بالسَّلام سَلامَنا
............................وقد زادَنا فوقَ الذي قد بَدَأْناهُ
222- كذا كان خُلقُ المصطفى وصِفاتُهُ
............................بذلك في الكُتْبِ الصِّحاح عَرَفناهُ
223- وثَمَّ دَعوْنا للأحبةِ كلِّهمْ
............................فكَم مِن حبيبٍ بالدُّعاءِ خَصَصْناهُ (1)
224- ومِلْنا لِتسليمِ الإمامَينِ عِندَهُ
............................فإنَّهُما حَقًّا هناكَ ضَجِيعاهُ
225- وكم قَد مَشَيْنا في مكانٍ بهِ مَشَى
............................وكم مَدْخَلٍ للهاشِمِيِّ دَخلناهُ
226- وآثارُهُ فيها العُيونُ تَمَتَّعَتْ
............................وقُمْنا وصلَّيْنا بحيثُ مُصَلاَّهُ
227- وكم قد نَشَرْنا شَوقَنا لِحَبيبِنا
............................وكم مِن غَليلٍ في القُلوبِ شَفَيْناهُ
228- ومَسجِدُهُ فيه سَجَدْنا لربِّنا
............................فللهِ ما أعلَى سُجُودًا سَجَدْناهُ
229- بِرَوضَتِه قُمْنا فَهاتيكَ جَنَّةٌ
............................فيا فوزَ مَن فيها يُصَلِّي وبُشْراهُ
230- ومِنبَرُهُ الميمونُ مِنه بقيَّةٌ
............................وقَفْنا عليها والفؤادَ كَرَرْناهُ
231- كذلك مِثلَ الجِذْعِ حنَّتْ قلوبُنا
............................إليه كما ودَّ الحبيبَ وَدَدْناهُ
232- وزُرْنا قُبا حُبًّا لأحمدَ إذْ مَشَى
............................عسى قدمٌ يَخطو مَقامًا تَخَطَّاهُ
233- لنُبْعثَ يومَ البعثِ تَحتَ لِوائِهِ
............................إذا اللهُ مِن تلك الأماكنِ نَاداهُ
234- وزُرنا مَزاراتِ البَقيعِ فَلَيْتَنا
............................هُناك دُفِنَّا والممَات رُزِقْناهُ
235- وحَمزةَ زُرْناهُ ومَن كانَ حَوْلَهُ
............................شَهيدًا وأُحْدًا بالعيونِ شَهِدناهُ
236- ولما بَلَغْنا مِن زيارةِ أحمدٍ
............................مُنانا حَمِدْنا ربَّنا وشَكَرْناهُ
237- ومِن بعد هذا صاحَ بالبَيْنِ صائِحٌ
............................وقال ارْحَلُوا يا لَيْتَنا ما أطَعْناهُ
238- سَمِعْنا له صوتًا بِتَشْتيتِ شَمْلِنا
............................فيا ما أمرَّ الصوتَ حينَ سَمِعْناهُ
239- وقُمْنا نَؤُمُّ المصطفى لِوداعِهِ
............................ولا دمعَ إلا للوَداعِ صَبَبْناهُ
240- ولا صبرَ كيف الصَّبرُ عندَ فِراقِه
............................وهَيهاتَ إنَّ الصَّبرَ عنهُ صَرَفْناهُ
241- أيَصْبِرُ ذو عقلٍ لفُرقةِ أحمدٍ
............................فلا والذي مِن قابِ قَوسَيْنِ أدْناهُ
242- فواحَسرَتاهُ مِن وَداعِ محمدٍ
............................وأوَّاهُ مِن يوم التَّفرُّق أوَّاهُ
243- سأبكي عليهِ قَدْرَ جُهدِي بِناظِرٍ
............................من الشَّوقِ ما تَرقَى مِن الدَّمعِ غَرْباهُ
244- فيا وَقْتَ تَوديعي لهُ ما أمَرَّهُ
............................ووقتَ اللِّقا واللهِ ما كان أحْلاهُ
245- عسى اللهُ يُدنيني لأحمدَ ثانيًا
............................فيا حبَّذا قُربُ الحبيبِ ومَدْناهُ
246- فيا رَبِّ فارزُقْني لِمَغْناهُ عَودةً
............................تُضاعِفْ لنا فيها الثوابَ وتَرْضاهُ
247- رَحَلْنا وخلَّفْنا لديهِ قلوبَنا
............................فكم جَسَدٍ مِن غيرِ قلبٍ قَلَبْناهُ
248- ولَمَّا تَركْنا رَبْعَهُ مِن ورائِنا
............................فلا ناظِرٌ إلا إليهِ رَدَدْناهُ
249- لِنَغْنَمَ مِنهُ نَظرةً بعدَ نَظرةٍ
............................فلمَّا أغَبْناهُ السُّرورَ أغَبْناهُ
250- فلا عيشَ يَهْنَى معْ فِراق محمدٍ
............................أَأَفْقِدُ مَحبوبي وعَيشِيَ أهْناهُ
251- دَعُوني أمُتْ شَوقًا إليه وحُرقةً
............................وخُطُّوا على قَبري بأنِّيَ أهْواهُ(2)
252- فيا صاحِبِي هَذِي التي بي قد جَرَتْ
............................وهذا الذي في حَجِّنا قد عَمِلْناهُ
253- فإن كنتَ مُشتاقًا فبادِرْ إلى الحِمَى
............................لتَنظُرَ آثارَ الحبيبِ ومَمْشاهُ
254- وتَحظَى ببَيتِ اللهِ مِن قبل مَنْعِهِ
............................كأنَّا به عمَّا قليلٍ مُنِعْناهُ
255- أليسَ تَرَى الأشراطَ كيف تَتابَعَتْ
............................فبادِرْ واغنَمْه كما قد غَنِمْناهُ(3)
256- إلى عَرَفاتٍ عاجِلِ العُمرَ واسْتَبِقْ
............................فثَمَّ إلهُ الخَلْقِ يُسبِغُ نُعْماهُ
257- وعَيِّدْ مع الحُجَّاجِ يا صاحِ في مِنًى
............................فَعِيدُ مِنًى أعلاهُ عِيدًا وأسْناهُ
258- وضَحِّ بها واحْلِقْ وسِرْ مُتوجِّهًا
............................إلى البيتِ واصْنَعْ مثلَ ما قد صَنَعْناهُ
259- وكنْ صابِرًا إنا لَقِينا مَشقَّةً
............................فإن تَلْقَها فاصْبِرْ كصَبْرٍ صَبَرْناهُ
260- لقد بَعُدَتْ تلك المعالِمُ والرُّبَا
............................فكم مِن رَواحٍ مَعْ غُدُوٍّ غَدَوْناهُ
261- فبادِرْ إليها لا تَكُنْ مُتوانِيًا
............................لعلَّك تَحظَى بالذي قَد حَظِيناهُ
262- وحُجَّ بِمالٍ مِن حلالٍ عَرَفْتَهُ
............................وإيَّاك والمالَ الحرامَ وإيَّاهُ
263- فمَن كان بالمالِ الْمُحرَّمِ حَجُّهُ
............................[فعَنْ] حَجِّهِ واللهِ ما كان أغْناهُ
264- إذا هو لَبَّى اللهَ كان جوابهُ
............................مِن الله لا لبَّيك حَجٌّ رَدَدناهُ
265- كذلكَ [جَانا] في الحديثِ مُسطَّرًا
............................ففي الحجِّ أجرٌ وافرٌ قد سَمِعناهُ
266- ومِن بعدِ حجٍّ سِر لمسجدِ أحمدٍ
............................ولا تَخْطَهُ تَنْدَمْ إذا ما تَخطَّاهُ
267- فوا أَسَفَ السَّاري إذا ذُكِرَ الحِمَى
............................إذا رَبْعَ خيرِ المرسَلين تَخطَّاهُ
268- وَوالَهَفَ الآتِي بِحَجٍّ وعُمرةٍ
............................إذا لم يُكمِّل بالزِّيارةِ مَمْشاهُ
269- يُعَزَّى على ما فاتَهُ مِن مَزارِهِ
............................فقدْ فاتَهُ أجرٌ كثيرٌ بِأُخْراهُ
270- نظرْناهُ حقًّا حين بانَتْ رِكابُنا
............................على طَيبةٍ حقًّا وصِدقًا نَظرناهُ
271- وزادتْ بنا الأشواقُ عند دُنُوِّنا
............................إليها فما أحلى دُنُوًّا دَنَيْناهُ
272- ولَمَّا بَدَت أعلامُها وطُلُولُها
............................تحدَّرتِ الرُّكبانُ عمَّا رَكِبْناهُ
273- وسِرْنا مُشاةً رِفعةً لمحمدٍ
............................حَثَثْنا الخُطا حتى المُصلَّى دَخَلْناهُ
274- لنَغْنَم تَضعيفَ الثَّوابِ بِمَسجدٍ
............................صلاةُ الفَتى فيه بألفٍ يُوَفَّاهُ
275- كذلك فاغْنَمْ في زيارةِ طَيبةٍ
............................كما قد فَعَلْنا واغتَنِم ما غَنِمْناهُ
276- فإذْ ما رأيتَ القَبرَ قبرَ محمدٍ
............................فلا تَدْنُ منه ذاك أوْلَى لِعلْياهُ
277- وقِفْ بوَقارٍ عندَه وسَكينةٍ
............................ومَثِّلْ رسولَ الله حيًّا بِمَثْواهُ
278- وسلِّم عليه والوَزيرَيْن عندهُ
............................وَزُرْهُ كما زُرْنا لنَحْصِدَ عُقْباهُ
279- وبلِّغْه عنَّا لا عَدِمْتَ سلامَنا
............................فأنتَ رسولٌ للرَّسولِ بَعَثْناهُ
280- ومَن كان مِنا مُبْلِغًا لسَلامِنا
............................فإنا بِمِبلاغِ السَّلام سَبقناهُ
281- فيا نعمةً لله لَسْنا بِشُكرِها
............................نَقومُ ولو ماءَ البُحورِ مَدَدْناهُ
282- فنحمدُ ربَّ العرشِ إذْ كان حجُّنا
............................بِزَوْرَة مَن كان الخِتامَ خَتَمْناهُ
283- عليكَ سلامُ اللهِ ما دامَتِ السَّما
............................سلامٌ كما يَبغِى الإلهُ ويَرْضاهُ
_______________________
(1) 224- قال الشارح على القصيدة: " والأدب الشرعي اللازم هنا أن يستقبل القِبلة حال الدعاء لا القبر الشريف ".
(2) 251- قال الشارح: " صح الحديث عن جابر -- بنهي رسول الله -- عن الكتابة على القبر".
في (263): [فعن] وردت في المطبوع (فمِن)، وأثبت ما في الشبكة، وكذلك [جانا] في (265)؛ حيث كتبت بالهمزة في المطبوع.
ثم ذكر الشارح في خاتمة الكتاب تنبيهًا هامًّا، قال فيه:
ثم وقفت على كتاب "إسعاف أهل الإسلام بوظائف الحج إلى بيت الله الحرام" للعلامة المحقق الأستاذ الشيخ حسن محمد المشاط، في طبعته الثالثة (1397هـ-1977م)، مطابع النبوي-جدة.
ورأيتُه ألحق نفس هذه القصيدة تحت اسم: "القصيدة الذهبية، والحجة المكية، والزورة المحمدية" منسوبة إلى العلامة محمد بن رشيد البغدادي، بتعليق وضبط العلامة حسن محمد المشاط الذي افتتح تعليقه بقوله: [هذه المنظومة الذهبية للعلامة مجد الدين أبي عبد الله محمد أبي بكر الشهير بابن <