الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤

ترجمة علامة العراق محمود شكري الالوسي رحمه الله

الثلاثاء ٢٤ محرم ١٤٣٨ هـ - ١٣:٤٨ م - ٢٥ أكتوبر ٢٠١٦
1581
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة على خاتم رسله ،وصفوة خلقه محمد وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد : فهذه ترجمة العلامة اللغوي، المؤرخ ،النحوي، محمود شكري الالوسي رحمه الله وحيد دهره ،وفريد عصره، نادرة المثال في مصره ،جامع الفضائل في شخصه ،مشيت فيها على مسلك الأثري رحمه الله في ترجمته له في أعلام العراق ،إلا إني أخرت ما حقه التأخير ،وفصلت فيما يحتاج فيه إلى التفصيل ،واقتبست كثيرا من عباراته ،ومعاني كثيرة من مشكاته ،وهي اقرب إلى مختصر مستل من موارده ، وفيه فوائد وفرائد اقتبستها من علم التاريخ ومصادره ،وبالله التوفيق :
مولده ونشأته :
ولد العلامة محمود شكري الالوسي رحمه الله (1)في التاسع عشر من رمضان عام 1273 في بغداد جانب الرصافة ،وفي بيت من بيوت العلم والأدب والمعرفة ،وتيمنا بمعالي الأمور سماه والده (2)(بابي المعالي )جريا على العادة المألوفة بين العلماء قديما في تكنيه الأبناء ليكونوا أهلا لتحمل المسؤولية، والاستعداد للرقي في سلم المعارف ، حتى نسيت تلك العادة الحسنة وحل محلها التشبه بعادات اليهود والنصارى والله المستعان .


دراسته وتحصيله للعلوم : 
جرت العادة في المدارس البغدادية أن يبتدئ الطالب الناشئ بعد حفظ كتاب الله ،وإتقان تجويده وألفاظه، بتعلم الخط والكتابة في ما يسمى ب(الكتاتيب) التي يتولاها أستاذة مختصون ،ثم دراسة النحو والصرف وفنون العلم الأخرى كالفقه والتفسير وعلومه على منهج القدماء(3)، والتي تضمنت دراسة كتب الحواشي على المتون في الفنون المختلفة، وقد كان والده الساعد الأيمن في تقريب عويص تلك الشروح والحواشي حتى برع بحفظها وإتقانها، وهي وان كانت – الحواشي – مشوشة للعقول وبعيدة عن هدي القران والسنة، لكنها كانت كافية لجعل الالوسي رحمه الله ملما بشكل تام بالعلوم والفنون العقلية والشرعية، يضاف إلى ما وهبه الله إليه من رجاحة العقل ،وفهم ثاقب .
شيوخه الذين تلقى عنهم العلم :
تلقى جل العلوم اللسانية والشرعية عن أبيه العلامة عبد الله الالوسي رحمه الله ،وورث منه الأخلاق الفاضلة الكاملة من أدب وفقه وعلم وتواضع، لكنه ما لبث أن توفي والده وهو لا يزال محتاجا إلى مزيد من العلم ،والأخذ عنه ،فكفله عمه العلامة وارث علوم السلف نعمان الالوسي رحمه الله فرباه وعلمه ،وصاغ تفكيره وحببه إليه علم القران والسنة ،غير إن التعصب والتقليد الذي استقاه من كتب الحواشي المشوشة جعلته ينصرف ويعرض في مقتبل العمر عن عمه نعمان الالوسي إلى مشايخ التقليد والتعصب بهمة الطالب الذي لا يمل ولا يكسل ،فاخذ يرتاد المساجد إلى علماء بغداد ،ومن ابرز هؤلاء الشيخ إسماعيل بن مصطفى رحمه الله(4) الذي كان مدرسا في جامع الصاغة ببغداد ،فورث عنه جل العلوم واغلب الفنون ،وبرع فيها وخاصة علم الجدل والمناظرة ، وحاز قصب السبق حتى فاق الأقران، يقول الالوسي رحمه الله عن نفسه متحدثا بنعمة الله عليه : (وفارقت أخداني وأقراني ، وانزويت عن كل أحد فأكملت قسما عظيما من الكتب المهمة فيالمنقول والمعقول ، والفروع والأصول ، وحفظت غالب متون ما قرأته من الكتب المفصلةوالمختصرة ، وأدركت ما لم يدكه غيري ، ولله الحمد....)(5)
تصدره للتدريس :
واصل الفتى المجد الدرس والمتابعة ،والبحث والقراءة وخاصة كتب الأدب والتاريخ والشعر والسيرة مما جعلته أهلا لان يتصدر المجالس ،بل ويباشر بالتأليف وهو في سن العشرين (6)،ويشارك الكبار في التدريس والتعليم ،فدرس في جامع عادلة خاتون ،وعين مدرسا في جامع الحيدر خانة ،ومن ثم جامع علي سلطان(7) ،وأخيرا في جامع مرجان وذلك بعد وفاة العلامة علي علاء الدين الالوسي(8)، فلم يجدوا بعد العلامة علاء الدين من يحل مكانه إلا محمود شكري رحمه الله .
نبوغه واشتهار صيته :
في أوائل القرن الرابع للهجرة اقترحت لجنة اللغات الشرقية بدعوة من ملك النرويج على العلماء والباحثين آنذاك بتأليف كتاب يتناول أحوال العرب في جاهليتهم قبل الإسلام، ونسب من أشتهر من قبائلهم ،وأخلاقهم وعوائدهم في الأكل والزواج والعلوم والصنائع، وما جرى بينهم من حروب ومطاحن ،وما إلى غير ذلك من المباحث ،فانبرى العلماء والأدباء، والمؤرخون والمشاهير منهم إلى تقديم عروضهم ،وعرض الالوسي كتابه الشهير( بلوغ الإرب في أحوال العرب )(9)فأجمعت اللجنة بعد النقاش والحوار إن اجمع المؤلفات ،وأوسعها علما ،وأغزرها فائدة ،وأقربها للواقع هي ما كتبه الالوسي رحمه الله في كتابه الموسوم ببلوغ الإرب، وفاز بجائزة الوسام الذ1هبي ،وبعد نشر الكتاب في الأفاق حبرت الصحف والمجلات والكتب فضل الكتاب ،واشتهر الالوسي فضله في الأفاق، وعرف بين العام والخاص ،وكانت بداية انطلاقة للاتصال بمثقفي العالم الإسلامي وغيرهم من مستشرقين عرب وأجانب (10) .
التحرر من ربقة التقليد:
أصيب الالوسي بما أصيب به علماء الزمان - إلا من عصمه الله - من التقليد والجمود على كتب الفت في غير زمانهم، ودونت في غير أيامهم – أيام ركود العلم – ،ينظرون إليها بعين الإجلال والاحترام بل والتقديس أحيانا ،ولا يخرجون عنها قيد أنملة، استمر الالوسي رجمه الله على هذا النهج والمنوال إلى حين أن تجاوز من العمر الثلاثين ،فلاح له بريق ،وأبصر عن بعيد علم ،وانقدح في نفسه الهام صادق، وذلك من خلال خزانة عمه العلامة نعمان الالوسي رحمه الله والتي تحوي ذخائر علم السلف ،فرأى فيها ضالته المنشودة ،وأمله الذي يتمناه ،فكسر قيد التقليد ،وتخلص من الجمود العنيد ،فاكب على قراءتها، والتمعن فيها وتدبرها ،فوجد إنها تخرج من مشكاة النبوة ،غير انه لم يجاهر بآرائه، ولم يفصح عن أقواله، ربما لأنه لم يجد أعوانا وأنصارا، وتخفى تحت ستار المجاملة برهة من الزمن ، ومن الأدلة على ذلك تأليفه كتاب (الأسرار الإلهية شرح قصيدة الرفاعية)(11)، حيث قدمه إلى الوالي عبد الحميد ،والكتاب شرح فيها منظومة أبي الهدى الصيادي الرفاعي، وعلى الرغم مما حوته الرسالة من إثباتخرافات الصوفية وجهالتهم؛ مثل قصة الرفاعي وتقبيله ليد الرسول المعظم في موسمالحج، إلا أنها حوت مسائل وفرائد في اللغة والأدب والشعر، وكل مؤلفاته -رحمه الله- لا تخلو من الفائدة، وقد طبعت الرسالة بمصر سنة 1305، وتقع في 45 صفح وسيأتي الكلام عليها في فصل (جولة حول مؤلفات الالوسي رحمه الله ).
الجهر بالحق :
حتى إذا عرف فضله بين الأقران، وطار صيته في الزمان ،وقوي ساعده بين الخلان ،خلع ما كان يستتر به من المجاملة ،وهتف بمنابذة أهل البدع ،ومقارعة أهل الخرافات ،وشن غارات متتالية بالقلم والبنان ،واحدث انقلابا في عالم الفكر لا تزال أثاره ظاهرة ،وثماره يانعة تلاميذ نجباء ،بررة أتقياء،(12) ولما طار صيته ،واشتهر علمه لم يرق ذلك لأصحاب العمائم ،فصاروا يشنعون عليه ،ويحذرون منه،بل ويتربصون به الدوائر ،ويكيدون له ،ولولا معية الله وحفظه ،ثم صدقه وإخلاصه لوقع في مصائدهم وكيدهم ،فقد سعوا إلى عبد الوهاب باشا والي بغداد، فكتب على الفور إلى السلطان عبد الحميد بآمره، فنفي هو وابن عمه السيد ثابت بن السيد نعمان الالوسي وآخرون وما كاد يصل إلى موصل الحدباء حتى قام أعيان البلد ممن يعرفون فضل الالوسيين، فاقنعوا السلطان(13)، وأعيد مكرما معززا ،رغم كيد الحساد إلى بغداد المحروسة .
الالوسي وبعده عن السياسة :
كان رحمه الله ميالا للعزلة مشغولا بالبحث والقراءة، فلم يكن يرغب في معاشرة الأمراء مع حرصهم على كسب وده ،ومنهم والي بغداد سري باشا (14)حيث كان صاحب أدب وعلم وحوار، فكان يحاور الالوسي رحمه الله ،ويتصل به علميا لا سياسيا ،وقد أعجب الوالي سري بالعلامة الالوسي رحمه الله ،ووضع ثقته به ،حتى انه أناط به إنشاء أول جريدة تسمى بالزوراء ،والتي كان إصدارها ما بين عام 1286 إلى 1335 فحبر به الالوسي رحمه الله ما شاء من مقالات أدبية ولغوية وعلمية ،(15)وكانت خير معبر عن أرائه وأفكاره، توفي سري باشا وجاء بعده جمال بك(16) فكان يشاور الالوسي فيما يخص بسياسية البلاد ،ويستأنس بآرائه، وعرض عليه منصب عضو مجلس الإدارة فاعتذر الالوسي لأن ذلك مما يعوق مسلكه العلمي ويبعده عن أجوائه، لكنه قبله بعد إلحاح فكان بحق نصير لكل مظلوم ،ومعين لكل ضعيف ،ومنصف في حكمه وقوله .
اندلاع الحرب العالمية واحتلال بغداد:
أعلنت الدولة العثمانية بعد اندلاع الحرب العالمية مناصبة العداء للحلفاء ،وسيرت بريطانيا جيشا إلى بغداد (17)،وانتزعت البصرة ثم الفاو حتى دخلت شوارع بغداد تجول بدباباتها وخيولها ،فاضطربت الدولة العثمانية ،وحاولت الاستنجاد بما حولها من الدول العربية ، وخاصة نجد فلم تجد أكفئ من العلامة الالوسي رحمه الله ، لهذه المهمة السياسية فانتدبته سفيرا لها إلى الأمير عبد العزيز أل سعود ،فقبل بها وهو لها كاره ،وصحب معه جملة من خيار أعيان البلد رفقائها منهم العلامة علي علاء الدين الالوسي رحمه الله ،فشد الرحال إلى بلاد نجد عام 1333 وكان الترحيب به لدى الأمير لا يوصف ،وبعد مشاورات وحوارات ابدي الأمير أسفه عن النجدة وتعذر بمعاذير وحجج على عدم موافقته لنجدة الدولة العراقية ،وتركت بغداد فريسة للاحتلال (18)،فوجد الالوسي رحمه الله بعد أن أكمل المهمة على أكمل وجه فرصة سانحة للاجتماع بأكابر العلماء ،فاستفاد واستفادوا منه علما جما ،وتوطدت العلاقات بينه وبين علماء نجد ،وأثمرت بعد ذلك برسائل ومؤلفات سيأتي الذكر عليها إن شاء الله في فصل مراسلات الالوسي رحمه الله مع معاصريه .
عودة إلى التأليف والتصنيف :
عاد الالوسي رحمه الله بعد جولته من نجد ،ووصل إلى الشام(19) لكنه وجد أمامه عقبة أخرى ،حيث انبرى له بعض الحاقدين وأغروا به جمال السفاح، وحسنوا له إيقاع العقوبة به لكونه – على زعمهم – هو من حسن لصاحب نجد التقاعس عن نصرة الدولة العثمانية ،لكن جمال السفاح ردهم ولم يبالي بهم لما يعلم عن الالوسي رحمه الله من صدق لهجة ،وإخلاص لبلده ،ولما كان يكنه له من مودة وحب ،فعاد إلى بغداد واستقر بها ،واتجه نحو التأليف والتصنيف والمراسلة ،وجمع المخطوطات والبحث عنها .


تاريخ الالوسيين في مقارعة الاحتلال :
عرف الالوسيون بالغيرة على الدين والوطن ،وعدم قبول المهانة والذلة ولو كان ببذل المهج والنفوس ،ومن الأدلة على ذلك ما قام به العلامة الالوسي رحمه الله عند احتلال بغداد وسقوطها بيد الانكليز عام 1335 ،حيث قام بالتنديد بالاحتلال ،والتحريض على مقاومتهم بحسب الإمكان(20)، وعدم قبول شيئيا من مناصبهم وأموالهم، فقد عرضوا عليه منصب قضاء بغداد فأبى بل وانقبض من مخالطتهم ،وفي أيام تشكيل الحكومة عرض عليه أيضا منصب الإفتاء، ثم رئاسة التميز الشرعي ،ثم القضاء ثم المشيخة فرفض كل ذلك بنفس أبية ،وأبى إلا أن يخدم العلم ،واثر العزلة لكنه قبل بعضوية المعارف ليتمكن من توسيع نطاق العلم بين أهله وقبل بعضوية المجمع العلمي العربي اللغوي بدمشق(21)، وقد حبر في مجلة المجمع شتى الرسائل والمباحث النافعة اللغوية والأدبية، ونشرها من بعد تلميذه البار محمد بهجة الأثري رحمه الله .
أخلاقه ومزاياه وفضائله :
عرف الالوسي رحمه الله بجملة صفات وأخلاق تربى عليها ونشاء عليها حتى أصبحت له سجية ،وطبيعة ثانية ومن ابرز تلك الصافات والأخلاق ما يلي :
1-التواضع والحياء ،فهو ميال إلى مجالسة الفقراء والمساكين ،بعيد كل البعد عن مخالطة أهل الترف والمنصب ،ومن تواضعه انه كان لا يتكلف في أكله أو شربه ،ويقول ما اثر عنه (إنني اقنع بما في يدي يقع )(22).
2-يكره التزلف والنفاق :فقد كان رحمه الله لا يغشى أبواب الحكام بل يهرب من مجالستهم ،ويحب من يتخلق بذلك ويجتنب الشبهات، ويتقي المحارم ،وقد حاول كثير من الأمراء والحكام كسب وده ،والتقرب إلى مرضاته ،فاعرض عنهم وأهملهم، وعرضوا عليه مناصب عدة ،فكان يزهد عنها بنفس راضية قانعة بالقليل، ولما سئل عن سبب ذلك قال (إنهم يريدون باستمالتي إليهم إلا ترويج سياسياهم على العوام، لما يعلمون من ثقتهم بالعلماء وتعلقهم بقادة الدين، ويأبى الله لي أن أبيع ديني بدنياي، واخدع أمتي ووطني !!)(23) والحديث عن وهده وورعه يطول وحسبنا أن نذكر في هذه العجالة ما ذكرهالأب أنستاس ماري الكرملي حيث قال : ( كان الآلوسي وصل إلى حالة قاصية من الحاجة إلىالمال في عهد الاحتلال، فلما عرف ذلك المعتمد السامي برسي كوكس أهداه ثلاث مائةدينار ذهباً إنكليزياً، وكلفني بتقديمها إليه، فلما أتيته بها، رفض قبولها بتاتاً،وقال خير لي أن أموت جوعاً من أن آخذ مالاً لم أتعب في كسبه، فألححت عليه إلحاحاًمملاً مزعجاً، فأبى، وقال: لا تكثر، لئلا أطردك من بيتي طردا لا عودةإليه) ثم يتابع فيقول : (إلا أن فاقته كانت وقرا على محبيه، وطلب إليَّ بعض الأصدقاء أن أجدله منصباً يُثري منه، فتكلمت مع أولي الأمر، وتمكنت من أن يعين قاضي قضاة المسلمينفي العراق، فلما وقف على تنصيبه، أبى، وقال لي:" إن هذا المقام يستلزم علماًزاخراً، وذمةً لا غبار عليها، ووقوفاً تاماً على الفقه، وأنا لا أشعر بذلك، ووجدانييحكم عليَّ بأني غيرُ متصف بالصفات المطلوبة لمن يكون قاضي قضاة المسلمين)(24).
3-أما طبعه فقد كان حاد المزاج ،شديد الغضب ،عظيم التصلب في عاداته لا يكاد يصبر على صحبته إلا من عاشره وعرف طبعه، أو من وكان قريبا من مزاجه. أما أخلاقه العلمية فمنها :
1-كان حريصا على وقته ،جلد في البحث والنسخ والتصنيف ،وكل من تتلمذ علي يديه يعرف انه لا يضيع من وقته شيئيا، ولا يكاد يؤجل عملا إلى وقت أخر، وكان إذا استحسن شيئيا طالعه أو قراءه ولو مرات مثل كتاب (لسان العرب) لابن منظور ،فقد درسه وتمعن فيه ثلاث مرات من أوله إلى منتهاه (25).
2-واسع الاطلاع ،غزير المادة، إماما في معرفة المقالات العائدة لأصحاب الملل والنحل ،عرف ذلك من طالع كتبه، وقراء مؤلفاته، خاصة فيما يتعلق بالنقل عن أهل اللغة والشعر والبيان، ومن ابرز كتبه (المسفر عن الميسر) حيث كثير فيها النقل عن أئمة اللغة، وتعددت فيها المصادر (26).
3-ومن حيث الدليل كان الالوسي رحمه الله سلفيا اثريا، يأخذ بالدليل حيثما لاح له ،وبان وجهه ،لا يبالي إذا ظهر أيما كان المخالف ،فقد كان صريحا لا يعرف المحاباة ،ومن أمثلة مؤلفاته في هذا الجانب التي كشف فيها عن زيف أهل الباطل بالدليل والبرهان كتاب (الآية الكبرى في الرد على النبهاني في رائيته الصغرى )(27) ومع تمسكه بالدليل وإتباعه للسنة فهو يزن بميزان الشرع والعدل والإنصاف، ويعطي لكل ذي حق حقه ولا يخس لأحد علمه ،ولا يحط من قدر احد خاصة أهل العلم من المتقدمين ،ممن عرف عنهم الصدق وإتباع الدليل ،ومن أمثلة مؤلفاته في ذلك كتابه الشهير (تجريد السنان في الذب عن أبي حنيفة النعمان ) فقد وضع فيه قواعد وأصول في الدفاع عن أئمة الهدى ،ومصابيح الدجى أمثال أبي حنيفة والشافعي وغيرهم رحمهم الله على غرار ما كتبه ابن تيمية رحمه الله في رفع الملام عن الأئمة الأعلام .
نبوغه في فنون العلم :
النبوغ في عصرنا نادرة النوادر فلا تكاد تجد احد متفوقا في جميع العلوم بحثا وعلما واستظهارا، وهو ما وفق إليه الالوسي رحمه الله فهو ضارب في كل سهم من سهام العلوم المختلفة ،ففي العلوم الشرعية فهو من المتبحرين بها ، الغائصين في أعماقها، الباحثين عن درر مكنونها وكنوزها ،أما في العلوم اللغوية فيكاد أن يكون هو فارس ميدانها في عصره،رافع لوائها في مصره ، أما في التاريخ والسير فكتابه (بلوغ الإرب من الشواهد الواضحة على انه كان ضليعا خبيرا في سبر أغواره ،ومعرفة أسراره ،واستخلاص ثماره وعبره ،ويمكن تقسيم العلوم إلى ثلاثة أقسام :
1-علم الدين والشريعة :وللالوسي من تلك العلوم الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر، حيث احتسب حياته كلها لخدمة علوم الدين ،والدفاع عن قضاياه وخاصة فيما يتعلق بعلم العقيدة ،فقد جاهد أهل البدع والخرافات كجهاد الفارس الغيور في ساحات الوغى ،فاظهر ما في المذاهب الباطلة من فساد ،وبين عوار أهل البدع فكشفهم على حقيقتهم ،ودعا إلى المحجة البيضاء القائمة على توحيد الله، وإفراده بالعبادة وإتباع الرسول حتى دحر كيد أهل الضلال وخفف من تأثيرهم على العوام، ومن أدل الأدلة كتبه ومؤلفاته في بيات المعتقد السليم ،والتي المخطوط منها الذي لم ينشر أكثر من المطبوع .
2-علم اللغة :ففي علم اللغة فهو الفارس في الميدان ،وحامل اللواء في الدفاع أصالاتها، وهو في مقدمة من دعى إلى إحيائها، حيث نظر إلى اللغة نظر الفاحص المدقق العالم بمكنونها وكنوزها، فانبرى ينزهها من المطاعن الموجه إليها، وما ينسب إلى لغتنا العربية من ضيق وإخفاق، فجعل النحت قياسا لصوغ ألفاظ تسد مسد كثيرا من الألفاظ الأعجمية الدخيلة ،وألف في ذلك بحثا هاما لم يسبق على منواله احد، ولم يؤلف على مثاله ابد (28) وجعل الاشتقاق قياسا للتعويض عن كثير مما نحتاجه في حياتنا اليومية من أدوات وصنائع ، ولم يكن يجوز الإغضاء عن الدخيل من اللغة إلا لم يكن في أصل اللغة ما يرادفه ،ومن ذلك التضمين (29)فبين خاصية لغتنا العربية واحتوائها لكثير منة الأدوات ،ليهدم بذلك أراء المتطفلين على اللغة ،ورد عليهم في مواطن عدة من كتبه وبين إنهم أحوج إلى تقويم ألسنتهم من الرطانة من انتقادهم لائمة اللغة واللسان من فطاحل الدهر والزمان .
3-التاريخ :ولاشك إن معرفة التاريخ ،وما جرى في الأزمان وما نتج على إثره من حوادث ووقائع وما تمخض عنها من تحولات وما يمكن اخذ العبرة منه والعظات أصل في معرفة الإصلاح ، واليه يرجع فهم كثير من نصوص الكتاب والسنة ،وفي ضوء التاريخ يتمكن المصلح الحاذق من أن يشق طريقه بنجاح وتفوق، وتكون له نبراسا يهتدي به في ظلمات الحياة ،ومن لم يكن له خبرة بالتاريخ قد لا يدرك السر في التحولات ،ولا يعرف سبب الانقلابات ،لقد كان الالوسي ومنذ الصغر لد الدراية التامة ،حيث اكب على تفقه التاريخ العربي في الجاهلية والإسلام، حتى صار اعلم أهل زمانه به ،ومن الأدلة على ذلك مؤلفاته مثل شرح عمود النسب، وأخبار العرب وغيرها .
الأيام الأخيرة من حياته :ُ
صِيب الآلوسي برمل في المثانة ،وذلك سنة1337هـ فأهمله،وتراكم المرض إلى سنة 1341هـ فسد المثانة وفزع إلى الأطباء فلم يجد عندهم حلا ،فانقطع عن التدريس وبعدها سكن المرض ولكن نصحه الأطباء بترك التدريس ولم يأخذ بنصحهم ،وعاود التدريس فهُزِل جسمُه،وتَعِب قلبُه، وفي العشر الأواخر من رمضان سنة 1342هـ أُصيب بذات الرئة،وأحسَّ بموته، وفيالرابع من شوال من هذه السنة تُوُفِّي عند أذان الظهر، وحوله كتب العلم(30)رحمه الله الآلوسي، وألحقه بالصديقينوالشهداء والصالحين، وحسُنَ أولئك رفيقًا، ودُفِن بمقبرة الشيخ الجُنَيْد، وكانت له جنازةٌمهيبة،وصُلِّيعليه في نجد صلاة الغائب، ورثاه العلماء وأهل الفضل والدعاة.
اهتمام العالم بخبر موته :
ما إن تسامع الناس بموته حتى نادت منائر بغداد لوفاة علامة العراق ،وازدادت الجموع القادة من أنحاء العراق للصلاة حتى قال الأثري: ( وقد أشرفت حال الصلاة، وجعلت انظر يمينا وشمالا ،فرأيت المصلين قد أطبقوا تلك الفسحة كلها) ،وأقيمت له عدة فواتح يتلى فيها القران تجمع فيها العلماء والأدباء والشعراء والخطباء ،وألقى كل واحد منهم ما يعبر عن أسفه لفقدان علم العراق حتى قال محمد بهجة البيطار في كلمة رائعة جاء فيها : (لو كان السيد الالوسي وليد الأيام ،أو نتيجة الأعوام، لكان المصاب فيه خفيف الوقع ،سهل الاحتمال ،ولكنه من الأفراد الذين لا يجود العصر أو العصور بواحد منهم، أو رجال يعدون على الأنامل، وهذا هو الذي يجعل الفجيعة بمثله أليمة، والخطب عظيما ) (31)،وقد صلي عليه في الكويت ونجد صلاة الغائب جماعات ،ورثاه الشعراء والأدباء، وممن رثاه :الشاعر العراقي معروف الرصافي وتلميذه الأثري بقصائد رائعة فهي تزري فرائد أسلوبها بالدر وبيانها وبحورها ومدحه العلامة احمد الشاوي الحميري بقصيدة جاء فيها : لعمري لقد جربت أبناءدهرنا *** برمتهم في حالة الخير والشر
وقلبتهم ظهرا لبطن بأسرهم *** مرارالدى الحاجات في العسر واليسر
فما سمعت أذاني ما سر منهم *** ولاأبصرت عيناي وجه فتى حر
وما إن رأى إنسان عيني واحدا **كما شئت إنسانا يعد سوى شكري(32)
وفاء لعلامة العراق :
مما يلفت النظر أن علامة العراق الذي كرس حياته لخدمة الدين ،والدفاع عن قضياها ،ومن خلال مؤلفاته القيمة التي زادت على الستين مؤلفات في شتى المجالات والفنون لم تحظى بما حظي شخصه من الاهتمام الواسع ،فبقيت مؤلفاته رهن القيد ،وحبيسة الرفوف في المكتبات العراقية – مكتبة الأوقاف المركزية ومكتبة القادرية ،ودار صدام للمخطوطات - منذ وفاة العلامة ولغاية وقت قريب، وهو ما دعاني والغيورين من أبناء الرافدين إلى أن أشمر عن ساعد الجد إلى استخراج هذا الكنوز والذخائر لطبعها ونشرها ،ولفت الأنظار إليها ليطلع العالم على تراث الالوسي الخطي ومن خلال موسوعة شاملة جمعت تراث الالوسيين جميعا الجد والأب والحفيد والعم ،وقد قام بهذا العمل الجبار الأستاذ أياد القيسي حفظه الله – من تلاميذ المحدث صبحي السامرائي – فقد دأب القيسي ومنذ بداية التسعينيات على لم شتات تراث الالوسيين، وقد واجه جملة من الصعاب والعقبات في ظل ظروف حرجة حتى تمكن بفضل الله من تصويرها جميعا ،ولم يفته ألا قصاصات قليلة، وهو ألان بصدد طبعها ونشرها ، ليقر بذلك عين الالوسي رحمه الله وهو في رمسه ،وليرد شيئيا من الوفاء لما بذله هذا العالم الجليل طيب الله ثراه ،وجعل الجنة مستقره ومثواه آمين، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم أنبيائه وصفة خلقه سيدنا وحبيبنا محمد، وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين .

_____________________________
(1) يقول د إبراهيم السامرائي (وأنا أميل إلى تكون الشهرة بالمد، لشيوعها مع صحتها، على أني أثبتها مفتوحة جرياًعلى ما استحسنه أستاذي الأثري) أي اثبات همزة الألوسي مفتوحة في الشهرة وهي " الألوسي"، وعدم التزام المد، انظر : السيد محمود شكري الألوسي وبلوغ الأرب، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشروالتوزيع، 1412/ 1992م، ص 8.
(2) ترجمة والده عبد الله شهاب تجدها في "أعلام العراق" ص: 85، 341، و"أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث"لأحمد تيمور باشا، ص: 311.
(3) كانت مدارس بغداد تزخر بالمدارس التي يرتادها طلاب العلم للتفقه في الدين، فمنمدارس الكرخ إلى الفضل وانتهاء بمدارس الاعظمية وقد شجع ذلك كثير من الموسيرين حتى من النساء إلى التبرع إلى الجهاتالخيرية والوقفية أمثال عادلة خاتون ونائلة خاتون ومرجانة وغيرهم مما يدل على جهود العلماء المخلصين ومكانتهم المرموقة وإثرهم على شرائح المجتمعالمختلفة ومكانتهم الاجتماعية .
(4) الشيخ الواصل علاَّمة عصره، وفهَّامة دهره، الشيخ/ إسماعيل الموصلي - رحمه الله - وكان في قوةالحفظ والذكاء، وحسن الأخلاق على جانب عظيم، كما أنه كان في الزهد والورع جُنيدَزمانه،"الدر المنتثر"ص:38 ، "لب الألباب" (2/318)، "أعلام العراق" للأثري ص: (85، 341).
(5) محمود شكري وآراؤه اللغوية ص 28أعلام العراق ص 85 ، 341أعلامالفكر الإسلامي في العصر الحديث لأحمد تيمور باشا ص 311،وله ترجمة بخط يده أيضا في مخطوط لم ينشر عنوانه ( الدر المنضود أو شرح القصيدة الشاوية ).
(6) يبدوا أن الالوسي رحمه الله كان بشكل عام يدرك ما حوله من أخطاء عقائدية ،لكنه كان مكتوف اليدين يقول رحمه الله : ثم إني توغلت في إتباع سيرة السلف الصالح ، وكرهت ما شاهدته من البدع والأهواء ، ونفر قلبي منها كل النفور ، حتى إني منذ صغري كنت أنكر على من يغالي في أهل القبور ، وينذر لهم النذور ،انظر محمود شكري وآراؤه اللغوية ص 28.
(7) خلاف كبير حول تاريخ إنشاء هذا الجامع بين المؤرخ العزاوي وآخرون ،ويبدوا انه من أقدم جوامع بغداد حيث بني في بداية العهد العثماني في بغداد بناه الوالي علي جلبي ( قره علي ) 989 هـ 1590، والسيد علي علي بن يحيى الرفاعي الحسيني المكي ولد في البصره سنة 1054م ،وذكرت بعض المصادر بان السيد علي أعلن نفسه سلطانا ،ولذلك سمي بالسيد السلطان علي أوسيد سلطان علي لاحقا،وجهلة الروافض وعلمائهم يعتقدون انه منهم لكونه اسمه علي.
(8) العلامة علي علاء الدين الالوسي واعظ وفقيه وقاضي من احفاد شهاب الدين الالوسي ،له مؤلفات عدة منها( الدر المنتثر في رجال القران الثاني والثالث عشر) اخذ الخط عن والده نعمان الالوسي، كان سلفي المنهج علامة في الفنون درس في مرجانة ،وتخرج علي يديه علماء كثيرون انظر( كتاب البغداديون أخبارهم ومجالسهم - تأليفإبراهيم الدروبي - مطبعة الرابطة - بغداد - 1958م - صفحة 33 ،35). 
(9) ويقع في ثلاثة أجزاء، ومجموع صفحاته 1330، وقد طبع بتحقيق محمد بهجة الأثري، دارالكتب العلمية، والجزء الثالث طبع ببغداد، مطبعة دار السلام عام 1314-1896، وقد ألفإبراهيم السامرائي رسالة قيمة بعنوان (السيد الآلوسي وبلوغ الأرب) نشرته مؤسسةالجامعية للدراسات، والآلوسي له رسالة عنوانها: ملخص (بلوغ الأرب) برقم 40907 لمتطبع بعد.
(10) سيأتي في فصل مراسلات الالوسي مع معاصريه كيف إن شهرته فتحت الباب على مصارعيه للاتصال بمثقفي العالم .
(11) ذكر الشيخ يونس السامرائي في (تاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري )ص (24بان تأليف العلامة الالوسي لهذا الكتاب كان على وجه القناعة لأنه – أي الالوسي – كان صلب الرأي ،عرف بالاستقامة وعدم المجاملة ،وذكر الأثري إن قصة الرفاعي – تلك القصة الخرافية – هي من زيادات الصيادي وليست من الالوسي علما انه فندها بشدة في كتابه الكبير غاية الأماني ج1- ص196 فتأمل .
(12) لم يكن الالوسي عالماً عراقياً محلياً فحسب ؛ بل كان عالما من علماء الأمةk وله علاقات متنوعة مع جميع علماء ،ولهذه تنوع تلامذته ما بين نجباء علماء أمثال الأثري والصاعقة ،ومنير القاضي، والمؤرخ العزاوي ومانع والنجدي من فقاء المدينة ،وما بين سياسيين أمثال علي علاء الدين الالوسي ،وكذلك عرب مستشرقون أمثال الأب إنستاس ماري الكرملي، وأجانب مثل لمستشرق لويس ماسينونالفرنسي ،والمستشرق مرجليوت منانكلترا.
(13) الالوسي رحمه أحسن صحبة الوالي سري باشا ،فقد كان هذا الوالى معروفا بالإحسان والمعروف وهو على جانب من الأدب والعلم، فقد قام في ساحة الميدان حديقة واسعة أنشئت عام 1889 ووضعوسطها حوضاً فيه شذروان يقذف الماء ، ليرتوي منه البغادة بدلاً من الماء الملوث وغير النقي الذي يجلب من الأنهارمباشرة.
(14) ما أشبه الليلة بالبارحة فهذه قوات الغزو تحتل بغداد دار السلام من جديد وتمطر عليها وابل من القنابل المحرمة وغيرها دون أن يتدخل احد لنجدتها ،بل ولا ذرف الدموع على حالها والى الله المشتكى من تفرق الأمة وتشرذمها !!.
(15) في المكتبة الوطنية ببغداد – مقابل جامع الازبك -يوجد خمس مجلدات لجريدة الزوراء تحوي على أعداد كثيرة لم اعثر فيها على مقال واحد للالوسي رحمه الله .
(16) جاء عدة ولاة بعد تولى جمال بك منهم محمد زكي باشا ،وحسين جلال باشا ،ثم محمد فاضل باشا فجاويد باشا، ثم رشيد بك ثم سليمان نصيف بك ،ثم نور الدين بك فخليل بك، وأخيرا ممدوح بك بقي وكالة لمدة أسبوعين قبل سقوط بغداد عام 1971 بيد الانكليز .
(17)في عام 1914 زحف عشرون ألف جدني أجنبي إلى بغداد ،ووجهوا إليها مدافعهم ،فدمروا وحطموا وقتلوا ونهبوا ،ولم يكن أي سبب وجيه مقنع يجعلهم يحتلون البلاد سوى الطمع بخيراتها ،والسبب الذي جعلهم يدخلون العراق ويحتلون بلاد الإسلام زعمهم التخلص من الحكم العثماني، ولم يطلب ذلك احد من العراقيين منهم البتة ،وتم بعد ذلك التخلص من المحتل البغيض بسواعد أبناء العراق ،والتعاون المثمر بينهم واليوم التاريخ يعيد نفسه فتأمل... ..
(18) .من أعظم مصائب الزمان احتلال بلد إسلامي على مرأى ومسمع من المسلمين ،وعبر شاشات التلفاز وبألوان مختلفة ،قتلى وقصف وتدمير ونهب واغتصاب وووو!!!، وكأننا نشاهد أفلام وثائقية نتسلى برؤيتها ،وننعم بمشاهدتها، وهل ذلك إلا دليل على مدى ما وصلنا إليه من ذلة ومهانة وتفرق !؟....
(19) جمال باشا السفاح ناظر البحرية العثمانية ،وقائد الجيش الرابع وقد عاد الالوسي إلى بغداد وعاد سيرته في التأليف حتى سقوط بغداد عام 1335 انظر كتاب أعلام العراق للأثري ص110 .
(20) في رسالة موجه إلى علامة الشام القاسمي يقول الالوسي رحمه الله ( هذا والمخلص مضطرب الحال ،ضيق الصدر جدا جدا ،مما وصل حال ببلاد الإسلام من البلاء واستيلاء الكفار عليها ،والفشل الذي أصاب الفسقة والمرتدين عن دين الإسلام، فما ندري ماذا نفعل، وقد أحاط الكفر بجميع بلاد المسلمين ،وأصبحت على خطر عظيم لاسيما العراق من عدوين للدين روسيا والانكليز، وهي مصيبة وأي مصيبة ليس لها من دون الله كاشفة ،وذلك تحقيق لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا ظن الناس بالدرهم والدينا ....الحديث ) وانظر الرسائل المتبادلة بين الآلوسي والقاسمي، جمع وتحقيق محمَّد ناصر العجمي، ص 101، دار البشائر الإسلاميَّة لسنة 1422 – 2002 .
(21) أقدم مجمع في الوطن العربي تأسس عام 1919 كان له دور بالنهوض باللغة العربية مجمع أكاديمي يتألف من عشرين عضوا من أبرزهم محمد كرد علي، أما المجمع العلمي العراقي فقد تم تأسيسه في عام 1947 ،تم في عام 1978 دمج المجمعات اللغوية الثلاث اسريانية والعربية والكردية ، وفي عام 69اعيد تنظيم المجمع،وتوسعت أهدافه لتشمل تخصصات العلوم التطبيقية والهندسية وغيرها ،من ابرز أعضائه الالوسي والزهاوي، والشاعر الرصافي ومنير القاضي ،ورضا الشبيبي وغيرهم .
(22) أعلام العراق راجع فيه فصل أخلاقه وأحواله ص117 ،وفصل سيرته في بيته ص129 فستجد فيها أخلاق العالم الرباني الذي يطبق ما يقول ويفعل ما يأمر به ويحث عليه .
(23) أعلام العراق فصل أميز أطواره ص128، وهو جواب سديد يدل بلا ريب على أن الالوسي وفق منهج السلف قولا وعملا، وانه مشى على دربهم في الفرار من الأمراء فرار السلم من الأجرب حفاظا على الدين، وبعدا عن الشبهات ،وفي ذلك من الآثار والأخبار عن السلف ما لا يمكن حصره في هذه المساحة ،ومن الله نسال السلامة .
(24) أعلام عرب محدثون ص 167 ـ 168. الأهلية للنشر والتوزيع،بيروت 1994م.
(25) أعلام العراق ص 119 .
(26) أكثر من النقل عن التفاسير كالزمخشري والبيضاوي، ومن كتب الحديث والأثر المشهورة ،ومن كتب اللغة مثل الصحاح للجوهري، وأساس البلاغة للزمخشري ،ونهاية الإرب للهندي ،وشرح التبريزي وشرح المعاقات لزادة واليعقوبي ،وتاج العروس للزبيدي، ولسان العرب لابن منظور وسفر السعادة للسخاوي وغير ذلك من المصادر ،على الرغم من صغر حجم الرسالة ،والتي لم تطبع إلى ألان وهي مخطوط بخط يده (1319 -1901.
(27) توجد نسخة خطية من المخطوط في مكتبة المتحف العراقي –حاليا دار صدام للمخطوطات- رقم 8721و8616، وهي في الدفاع عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
(28) وقد نشرت الرسالة بتحقيق بهجة الأثري في مجلة المجمع العلمي العراقي سنة 1409 1988، والنحت:معناهأن تعمد إلى كلمتين أو جملة، فتنـزع من مجموع حروف كلماتها كلمة فذّة، تدل على ماكانت تدل عليه الجملة نفسها، ولما كان هذا النـزع يشبه النحت من الخشب والحجارةسمِّيَ نحتا .
(29) وهو كتاب (الجوهر الثمين في بيان حقيقة التضمينتوجد منه نسخة في مكتبة المتحف برقم 8533، في 50 صفحة، والتضمين معناه: إشراب اللفظ معنى لفظ آخر، لتصير الكلمة تؤدى مؤدى كلمتين.
(30) انظر أعلام العراق ص 112 .
(31) المصدر السابق 115 .
(32) من قصيدة رائعة في مدح العلامة الالوسي نشرت على موقع الالوكة في بحث بعنوان( الدر النضيد أو شرح القصيدة الشاوية )دراسة تحليل .